صفحة جزء
قال ( وإذا وكله ببيع عبد فباع نصفه جاز عند أبي حنيفة رحمه الله ) ; لأن اللفظ مطلق عن قيد الافتراق والاجتماع ; ألا ترى أنه لو باع الكل بثمن النصف يجوز عنده فإذا باع النصف به أولى ( وقالا : لا يجوز ) ; لأنه غير متعارف لما فيه من ضرر الشركة ( إلا أن يبيع النصف الآخر قبل أن يختصما ) ; لأن بيع النصف قد يقع وسيلة إلى الامتثال بأن لا يجد من يشتريه جملة فيحتاج إلى أن يفرق ، فإذا باع الباقي قبل نقض البيع الأول تبين أنه وقع وسيلة ، وإذا لم يبع ظهر أنه لم يقع وسيلة فلا يجوز ، وهذا استحسان عندهما .


( قال ) أي محمد رحمه الله في الجامع الصغير ( وإذا وكله ) أي إذا وكل رجل رجلا ( ببيع عبد ) أي ببيع عبد له ، وفي بعض النسخ ببيع عبده ( فباع نصفه جاز عند أبي حنيفة ) إنما وضع المسألة في العبد ليترتب عليه الاختلاف المذكور ، ; لأنه إذا باع نصف ما وكل بيعه وليس في تفريقه ضرر كالحنطة والشعير يجوز بالاتفاق ، ذكره في الإيضاح .

قال المصنف ( لأن اللفظ مطلق عن قيد الافتراق والاجتماع ) فيجري على إطلاقه ، ونور ذلك بقوله ( ألا ترى أنه لو باع الكل ) أي كل العبد ( بثمن النصف يجوز عنده ) أي عند أبي حنيفة ( فإذا باع النصف به ) أي بذلك الثمن ( أولى ) أي فهو أولى ; لأن إمساك البعض مع بيع البعض بمقدار من الثمن أنفع للآمر من بيع الكل بذلك الثمن . وإنما قيد بقوله عنده ; لأنه لا يجوز عندهما لكونه غبنا فاحشا .

فإن قيل : إنما جاز بيع الكل بثمن النصف ; لأنه لم يتضمن عيب الشركة ، وأما بيع النصف فيتضمن ذلك فكان هذا مخالفة من الوكيل إلى شر فينبغي أن لا ينفذ على الموكل . قلنا : ضرر الشركة أقل وأهون من ضرر بيع الكل بثمن النصف ، فإذا جاز هذا على قوله فلأن يجوز ذلك وهو أهون أولى ( وقالا : لا يجوز ) أي لا يجوز بيع نصف ذلك العبد ( لأنه غير متعارف ) يعني أن التوكيل ببيع العبد ينصرف إلى المتعارف ، وبيع النصف غير متعارف ( ولما فيه من ضرر الشركة ) ; لأنها عيب ( إلا أن يبيع النصف الآخر قبل أن يختصما ) أي الموكل والوكيل ( لأن بيع النصف قد يقع وسيلة إلى الامتثال بأن لا يجد من يشتريه جملة فيحتاج إلى أن يفرق ، فإذا باع الباقي قبل نقض البيع الأول تبين أنه ) أي البيع الأول ( وقع وسيلة ) إلى الامتثال ( وإذا لم يبع ) الباقي ( ظهر أنه ) أي البيع الأول ( لم يقع وسيلة ) إلى الامتثال ( فلا يجوز ، وهذا ) أي كون البيع موقوفا إلى أن يبيع النصف الآخر قبل الخصومة ( استحسان عندهما ) إذ القياس أن لا يتوقف لثبوت المخالفة ببيع النصف ، كذا في معراج الدراية .

وقال الزيلعي في التبيين : وقولهما استحسان ، والقياس ما قاله أبو حنيفة [ ص: 86 ] رحمه الله ا هـ . والمعنى الأول أنسب بعبارة الهداية كما لا يخفى على الفطن

التالي السابق


الخدمات العلمية