صفحة جزء
قال ( ولا يستحلف بالطلاق ولا بالعتاق ) لما روينا ، وقيل في زماننا إذا ألح الخصم ساغ للقاضي أن يحلف بذلك لقلة المبالاة باليمين بالله وكثرة الامتناع بسبب الحلف بالطلاق .


. ( قال ) أي القدوري في مختصره ( ولا يستحلف بالطلاق ولا بالعتاق لما روينا ) وهو قوله عليه الصلاة والسلام { من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر } ( وقيل في زماننا إذا ألح الخصم ساغ للقاضي أن يحلف بذلك ) أي بالطلاق أو بالعتاق ( لقلة المبالاة باليمين بالله وكثرة الامتناع بسبب الحلف بالطلاق ) أقول : يرد عليه أن هذا تعليل في مقابلة النص وهو قوله عليه الصلاة والسلام { من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر } فلا يصح على ما عرف في موضعه . وفي فتاوى قاضي خان : وإن أراد المدعي تحليفه بالطلاق والعتاق في ظاهر الرواية لا يجيبه القاضي إلى ذلك لأن التحليف بالطلاق والعتاق ونحو ذلك حرام . وبعضهم جوزوا ذلك في زماننا ، والصحيح ظاهر الرواية انتهى . وفي الذخيرة : التحليف بالطلاق والعتاق والأيمان المغلظة لم يجوزه أكثر مشايخنا وأجازه البعض ، فيفتى بأنه يجوز إن مسته الضرورة ، وإذا بالغ المستفتي في الفتوى يفتي بأن الرأي إلى القاضي انتهى .

وفي فصول الأسروشني : ولو حلف القاضي بالطلاق فنكل لا يقضي عليه بالنكول لأنه نكل عما هو منهي عنه شرعا انتهى . وفي الخلاصة : التحليف بالطلاق والعتاق والأيمان المغلظة لا يجوزه أكثر مشايخنا فإن مست الضرورة يفتى بأن الرأي إلى القاضي ، فلو حلف القاضي بالطلاق فنكل وقضى بالمال لا ينفذ قضاؤه انتهى . أقول : قد تلخص من هذه المذكورات كلها أن للقاضي أن يحلف بالطلاق والعتاق عند إلحاح الخصم ، وأن يفتي بجواز ذلك إن مسته الضرورة ، ولكن ليس له أن يقضي بالنكول عنه ، وإن قضى به لا ينفذ قضاؤه وعن هذا قال صاحب العناية : ولكنهم قالوا : إن نكل عن اليمين به لا يقضي عليه بالنكول لأنه نكل عما هو منهي عنه شرعا ، ولو قضى به لا ينفذ قضاؤه انتهى .

لكن فيه إشكال لأن فائدة التحليف القضاء بالنكول ، فإذا لم يجز القضاء بالنكول عما ذكر فكيف يجوز التحليف به ، ألا يرى إلى ما مر في بيان دليل أبي حنيفة على عدم جواز الاستحلاف في الأشياء العديدة عنده من أن النكول بذل والبذل لا يجري في هذه الأشياء ، وفائدة الاستحلاف القضاء بالنكول فلا يستحلف فيها حيث جعلوا عدم [ ص: 197 ] ترتب فائدة الاستحلاف وهو القضاء بالنكول علة لعدم جواز الاستحلاف في الأشياء المذكورة عنده فتأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية