صفحة جزء
[ ص: 197 ] قال ( ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام ، والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى عليه السلام ) { لقوله عليه الصلاة والسلام لابن صوريا الأعور أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا } ولأن اليهودي يعتقد نبوة موسى والنصراني نبوة عيسى عليهما السلام فيغلظ على كل واحد منهما بذكر المنزل على نبيه ( و ) يستحلف ( المجوسي بالله الذي خلق النار ) وهكذا ذكر محمد رحمه الله في الأصل . يروى عن أبي حنيفة رحمه الله في النوادر أنه لا يستحلف أحدا إلا بالله خالصا . وذكر الخصاف رحمه الله أنه لا يستحلف غير اليهودي والنصراني إلا بالله ، وهو اختيار بعض مشايخنا لأن في ذكر النار مع اسم الله تعالى تعظيما وما ينبغي أن تعظم ، بخلاف الكتابين لأن كتب الله معظمة ( والوثني لا يحلف إلا بالله ) لأن الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى ، قال الله تعالى { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } قال ( ولا يحلفون في بيوت عبادتهم ) لأن القاضي لا يحضرها [ ص: 198 ] بل هو ممنوع عن ذلك . .


( قال ) أي القدوري في مختصره ( ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى لقوله ) أي لقول نبينا ( صلى الله عليه وسلم لابن صوريا الأعور ) وفي المغرب : ابن صوريا بالقصر اسم أعجمي { أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا } أي التحميم ، هذا الحديث أخرجه مسلم في الحدود مسندا إلى البراء بن عازب رضي الله عنه قال { مر النبي عليه الصلاة والسلام بيهودي محمم ، فدعاهم فقال : هكذا تجدون حد الزنا في كتابكم ؟ قالوا : نعم ، فدعا رجلا فقال : نشدتك الله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام هكذا تجدون حد الزنا في كتابكم ؟ فقال : اللهم لا ، فلولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك ، حد الزنا في كتابنا الرجم ، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الرجل الشريف تركناه وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا : تعالوا فنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع ، فاجتمعنا على التحميم والجلد وتركنا الرجم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ، فأمر به فرجم } وقال شراحه : وهذا الرجل هو عبد الله بن صوريا ، وقد صرح باسمه في سنن أبي داود عن سعيد عن قتادة عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : يعني لابن صوريا ، الحديث .

وهذا مرسل ( ولأن اليهودي يعتقد نبوة موسى والنصراني نبوة عيسى ) أي يعتقد نبوة عيسى عليه السلام ( فيغلظ على كل واحد منهما بذكر المنزل على نبيه ) ليكون رادعا له عن الإقدام على اليمين الكاذبة ( ويحلف المجوسي بالله الذي خلق النار ، هكذا ذكر محمد في الأصل ) وذلك لأن المجوسي يعتقد الحرمة في النار فيمتنع عن اليمين الكاذبة فيحصل المقصود ( ويروى عن أبي حنيفة أنه لا يستحلف أحدا إلا بالله خالصا ) تفاديا عن تشريك الغير معه في التعظيم ( وذكر الخصاف أنه لا يستحلف غير اليهودي والنصراني إلا بالله وهو اختيار بعض مشايخنا ، لأن في ذكر النار مع اسم الله تعالى تعظيمها وما ينبغي أن تعظم ) لأن النار كغيرها من المخلوقات ، فكما لا يستحلف المسلم بالله الذي خلق الشمس ، فكذلك لا يستحلف المجوسي بالله الذي خلق النار .

وفي المبسوط : وكأنه وقع عند محمد أنهم يعظمون النار تعظيم العبادة ، فلمقصود النكول قال : تذكر النار في اليمين انتهى ( بخلاف الكتابين ) أي التوراة والإنجيل ( لأن كتب الله معظمة ) فجاز أن تذكر مع اسم الله تعالى ( والوثني لا يحلف إلا بالله ، لأن الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى ، قال الله تعالى ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) لا يقال : لو كانوا يعتقدون الله تعالى لم يعبدوا الأوثان . لأنا نقول : إنما يعبدونها تقربا إلى الله تعالى على زعمهم ; ألا يرى إلى قوله تعالى حكاية عنهم { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } وإذا ثبت أنهم يعتقدون الله تعالى يمتنعون على الإقدام على اليمين الكاذبة بالله تعالى فتحصل الفائدة المطلوبة من اليمين وهي النكول ( قال ) أي القدوري في مختصره : ( ولا يحلفون في بيوت عبادتهم لأن القاضي لا يحضرها ) أي لا يحضر بيوت عبادتهم للحرج [ ص: 198 ] بل هو ممنوع عن ذلك ) لأن فيه تعظيم ذلك المكان ، والحلف يقع بالله تعالى لا بالمكان ، ففي أي مكان حلفه جاز .

وفي الأجناس قال في المأخوذ للحسن : وإن سأل المدعي القاضي أن يبعث به إلى بيعة أو كنيسة فيحلفه هناك فلا بأس أن يفعله إذا اتهمه ، كذا في غاية البيان .

التالي السابق


الخدمات العلمية