صفحة جزء
( وصفة اليمين أن يحلف البائع بالله ما باعه بألف ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ) وقال في الزيادات : يحلف بالله ما باعه بألف ولقد باعه بألفين ، يحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ولقد اشتراه بألف يضمن الإثبات إلى النفي تأكيدا ، والأصح الاقتصار على النفي لأن الأيمان على ذلك وضعت ، دل عليه حديث القسامة { بالله ما قتلتم ولا علمتم له قاتلا } . قال ( فإن حلفا فسخ القاضي البيع بينهما ) وهذا يدل على أنه لا ينفسخ بنفس التحالف لأنه لم يثبت ما ادعاه كل واحد منهما فيبقى بيع مجهول فيفسخه القاضي قطعا للمنازعة . أو يقال إذا لم يثبت البدل يبقى بيعا بلا بدل وهو فاسد ولا بد من الفسخ في البيع الفاسد . قال : ( وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه دعوى الآخر ) لأنه جعل باذلا فلم يبق دعواه معارضا لدعوى الآخر فلزم القول بثبوته . .


( وصفة اليمين أن يحلف البائع بالله ما باعه بألف ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ) كذا ذكره في الأصل ( وقال في الزيادات : يحلف ) أي البائع ( بالله ما باعه بألف ولقد باعه بألفين ويحلف المشتري بالله ما اشتراه بألفين ولقد اشتراه بألف يضم الإثبات إلى النفي تأكيدا ) قال المصنف ( والأصح الاقتصار على النفي لأن الأيمان على ذلك وضعت ) أي على النفي وضعت لا على الإثبات ، كذا في النهاية ومعراج الدراية ( دل عليه حديث القسامة { بالله ما قتلتم ولا علمتم له قاتلا } ) وقال صاحب العناية : وفيه نظر ، لأن ذلك لا ينافي التأكيد انتهى .

أقول : بل ينافيه ، لأن وضع الأيمان لما كان مقصورا على النفي كما يرشد إليه تفسيرنا المنقول عن النهاية ومعراج الدراية ودل عليه كلام المصنف حيث قال : على ذلك وضعت ، بتقديم على ذلك على وضعت دون تأخيره عنه على ما هو حقه إفادة لقصر وضعها على النفي المشار إليه بذلك لم يجز إدراج اليمين ولو بطريق التأكيد ، وإلا يلزم الظلم للمنكر بإلزام الزائد على ما يجب عليه شرعا ، إذ لا شك أن الذي يجب عليه شرعا ويكون حقا للمدعي إنما هو الإتيان بما وضعت له اليمين دون ما هو خارج عنه زائد عليه وهو الإثبات ، فلا بد من الاقتصار على النفي كما ذكر . ولبعض الفضلاء بصدد الجواب عن النظر المزبور كلمات طويلة الذيل ، جلها بل كلها مدخول ومجروح ، تركنا ذكرها وردها مخافة التطويل بلا طائل ( قال ) أي القدوري في مختصره ( فإن حلفا فسخ القاضي البيع بينهما ) أي إن طلبا أو طلب أحدهما ، كذا في الكافي والشروح .

قال المصنف ( وهذا ) أي الذي ذكره القدوري ( يدل على أنه ) أي البيع ( لا ينفسخ بنفس التحالف ) وقال في غاية البيان : وبه صرح في كتاب الاستحلاف لأبي حازم القاضي حيث قال : إذا تحالفا فسخ الحاكم البيع بينهما ولم ينفسخ بالتحالف انتهى . وقال في الكافي : وقيل ينفسخ بنفس التحالف ، والصحيح هو الأول انتهى ( لأنه لم يثبت ما ادعاه كل واحد منهما فبقي بيع مجهول ) أي بقي بيعا بثمن مجهول ، كذا في الكافي والكفاية .

أقول : هذا لا يتم في صورة كون الاختلاف في المبيع دون الثمن ، فالأولى أن يكون مراد المصنف أعم من ذلك : أي بقي بيع المجهول إما بجهالة المبيع فيما إذا اختلفا في المبيع ، وإما بجهالة الثمن فيما إذا اختلفا في الثمن ، وإما بجهالة المبيع والثمن معا فيما إذا اختلفا فيهما ( فيفسخه القاضي قطعا للمنازعة ) بينهما ( أو يقال إذا لم يثبت البدل ) للتعارض بين قوليهما ( يبقى بيعا بلا بدل وهو فاسد ، ولا بد من الفسخ في فاسد البيع ) أي البيع الفاسد وهما لم يفسخاه فلا بد أن يقوم القاضي مقامهما . وفي المبسوط : حل للمشتري وطء الجارية إذا كانت المبيعة ، فلو فسخ البيع بالتحالف لما حل للمشتري وطؤها ، كذا في الشروح ( قال ) أي القدوري في مختصره ( وإن نكل أحدهما عن اليمين لزمه دعوى الآخر لأنه ) أي الناكل ( جعل باذلا ) لصحة البذل في الأعواض ( فلم يبق دعواه معارضا لدعوى الآخر فلزم القول بثبوته ) أي بثبوت ما ادعاه الآخر لعدم المعارضة .

أقول : في تقرير المصنف شيء ، وهو أنه ساق الدليل على أصل أبي حنيفة [ ص: 211 ] فقط حيث قال : وجعل باذلا ، والنكول عندهما إقرار لا بذل كما مر ، فلا يتمشى ما ذكره على أصلهما مع أن مسألتنا هذه اتفاقية بين أئمتنا ، فكان الأحسن أن يقول : لأنه صار مقرا بما يدعيه الآخر أو باذلا كما قال صاحب الكافي والإمام الزيلعي . ثم اعلم أن الإمام الزيلعي زاد في شرح هذا المقام من الكنز قيدا آخر حيث قال فلزمه إذا اتصل به القضاء . وقال وهو المراد بقول المصنف لزمه دعوى الآخر ، لأنه بدون اتصال القضاء به لا يوجب شيئا ، أما على اعتبار البذل فظاهر ، وأما على اعتبار أنه إقرار فلأنه إقرار فيه شبهة البذل فلا يكون موجبا بانفراده انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية