صفحة جزء
[ ص: 296 ] ( فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر لم يثبت الاستيلاد في الأم ) لأنها تابعة للولد ولم يثبت نسبه بعد الموت لعدم حاجته إلى ذلك فلا يتبعه استيلاد الأم ( وإن ماتت الأم فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر يثبت النسب في الولد وأخذه البائع ) ; لأن الولد هو الأصل في النسب فلا يضره فوات التبع ، وإنما كان الولد أصلا لأنها تضاف إليه يقال أم الولد ، وتستفيد الحرية من جهته لقوله عليه الصلاة والسلام { أعتقها ولدها } والثابت لها حق الحرية وله حقيقتها ، والأدنى يتبع الأعلى ( ويرد الثمن كله في قول أبي حنيفة . وقالا : يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم ) لأنه تبين أنه باع أم ولده ، [ ص: 297 ] وماليتها غير متقومة عنده في العقد والغصب فلا يضمنها المشتري ، وعندهما متقومة فيضمنها .


( فإن مات الولد فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر ) أي والحال أنها جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر ( لم يثبت الاستيلاد في الأم ) هذا لفظ القدوري في مختصره . قال المصنف في تعليله : ( لأنها ) أي لأن الأم ( تابعة للولد ) أي في هذا الباب على ما سيجيء بيانه ( ولم يثبت نسبه ) أي نسب الولد ( بعد الموت لعدم حاجته إلى ذلك ) أي لعدم حاجة الولد إلى النسب بعد الموت ( فلا يتبعه استيلاد الأم ) لعدم تصور ثبوت الحكم في التبع بدون ثبوته في المتبوع ( وإن ماتت الأم فادعاه البائع وقد جاءت به لأقل من ستة أشهر يثبت النسب في الولد وأخذه البائع ) هذا أيضا القدوري في مختصره .

قال المصنف في تعليله : ( لأن الولد هو الأصل في النسب فلا يضره فوات التبع ) يعني أن الولد لما كان هو الأصل كان المعتبر بقاءه لحاجته إلى ثبوت النسب ، ولا يضره فوات التبع لأن تعذر الفرع لا يبطل الأصل ، بخلاف العكس ( وإنما كان الولد أصلا لأنها ) أي لأن الأم ( تضاف إليه ) أي إلى الولد حيث ( يقال أم الولد ) والإضافة إلى الشيء أمارة أصالة المضاف إليه ( وتستفيد الحرية من جهته ) عطف على تضاف إليه : أي وتستفيد الأم الحرية من جهة الولد { لقوله عليه الصلاة والسلام : أعتقها ولدها قاله حين قيل له وقد ولدت مارية القبطية إبراهيم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تعتقها ؟ } ( والثابت لها ) أي ولأن الثابت للأم ( حق الحرية ) وهو أمومية الولد ( وله ) أي والثابت للولد ( حقيقتها ) أي حقيقة الحرية ( والأدنى يتبع الأعلى ) دائما دون العكس ، فحق الحرية الذي هو الأدنى يتبع الحرية التي هي الأعلى دون العكس ( ويرد الثمن كله في قول أبي حنيفة ، وقالا : يرد حصة الولد ولا يرد حصة الأم ) وهذا من تمام لفظ القدوري الذي ذكر فيما مر آنفا .

قال المصنف ( لأنه تبين أنه باع أم ولده ) أي تبين بثبوت نسب الولد من البائع أنه باع أم ولده وبيعها باطل [ ص: 297 ] وماليتها ) أي ولكن مالية أم الولد ( غير متقومة عنده ) أي عند أبي حنيفة ( في العقد والغصب فلا يضمنها المشتري وعندهما ) أي عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله ( متقومة فيضمنها ) أي فيضمنها المشتري ، فإذا رد الولد دونها يجب على البائع رد حصة ما سلم له وهو الولد كي لا يجتمع البدل والمبدل ، ولا يجب عليه رد حصة ما لم يسلم له وهي الأم . قال الإمام الزيلعي في التبيين بعدما بين المقام بهذا المنوال : هكذا ذكروا الحكم في قولهما ، وكان ينبغي أن يرد البائع جميع الثمن عندهما أيضا ثم يرجع بقيمة الأم ; لأنه لما ثبت نسب الولد منه تبين أنه باع أم ولده وبيع أم الولد غير صحيح بالإجماع فلا يجب فيه الثمن ولا يكون لأجزاء المبيع منه حصة ، بل يجب على كل واحد من المتعاقدين رد ما قبضه إن كان باقيا وإلا فبدله انتهى فتأمل

التالي السابق


الخدمات العلمية