صفحة جزء
قال : ( وعارية الدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود قرض ) ; لأن الإعارة تمليك المنافع ، ولا يمكن الانتفاع بها إلا باستهلاك عينها فاقتضى تمليك العين ضرورة وذلك بالهبة أو بالقرض والقرض أدناهما فيثبت . أو ; لأن من قضية الإعارة الانتفاع ورد العين فأقيم رد المثل مقامه . قالوا : هذا إذا أطلق الإعارة .


( قوله : أو ; لأن من قضية الإعارة الانتفاع ورد العين فأقيم رد المثل مقامه ) أقول : يرى هذا التعليل خاليا عن التحصيل ; لأن حقيقة الإعارة منتفية [ ص: 14 ] في عارية الدراهم والدنانير والمكيل والموزون والمعدود ، إذ قد صرحوا في صدر كتاب العارية بأن من شرطها كون المستعار قابلا للانتفاع به مع بقاء عينه ، وأن الأشياء المذكورة لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها فتعذر حقيقة الإعارة فيها فجعلناها كناية عن القرض ، وكذا حكم الإعارة منتف في عارية الأشياء المذكورة ، إذ قد صرحوا بأنها مضمونة بالهلاك من غير تعد من القابض ، فإذا لم تتحقق حقيقة الإعارة ولا حكمها في عارية هذه الأشياء فلا تأثير فيها أصلا ; لأن يكون من قضية الإعارة الانتفاع ورد العين ولا لإقامة رد المثل مقام رد العين . نعم يفهم من مضمون هذا التعليل مناسبة في الجملة بين العارية والقرض صالحة ; لأن يجعل لفظ الإعارة في مسألتنا هذه مجازا أو كناية عن معنى الإقراض ، ولكن كلامنا في صلاحية ذلك ; لأن يكون علة لأصل المسألة كما هو الظاهر من أسلوب التحرير فعليك بالتأمل الصادق .

التالي السابق


الخدمات العلمية