صفحة جزء
( ولو قال كسوتك هذا الثوب يكون هبة ) ; لأنه يراد به التمليك ، قال الله تعالى { أو كسوتهم } ويقال كسا الأمير فلانا ثوبا : أي ملكه منه ( ولو قال منحتك هذه الجارية كانت عارية ) لما روينا من قبل .


( قوله : ولو قال منحتك هذه الجارية كانت عارية لما روينا من قبل ) يعني ما ذكره في كتاب العارية من قوله عليه الصلاة والسلام [ ص: 27 ] { المنحة مردودة } كذا في الشروح . أقول : هاهنا كلام ، أما أولا فلأن المتبادر من ذكر هذه المسألة منفصلة عن مسألة الحمل ، وعدم تقييدها بعدم إرادة الهبة ، أن يكون قوله : منحتك هذه الجارية عارية وإن نوى بالمنحة الهبة ، وقد ذكر في كتاب العارية أن قوله منحتك هذا الثوب ، وقوله حملتك على هذه الدابة عارية إذا لم يرد بهما الهبة . وقال في التعليل : لأنهما لتمليك العين ، وعند عدم إرادة الهبة يحمل على تمليك المنافع تجوزا فكان بين كلاميه في المقامين نوع تنافر .

وأما ثانيا فلأن تعليل هذه المسألة بما ذكره في كتاب العارية من قوله عليه الصلاة والسلام { المنحة مردودة } منظور فيه ، إذ قد ذكر في المحيط نقلا عن الأصل أنه إذا قال منحتك هذه الدراهم أو هذا الطعام فهو هبة ، ولو قال منحتك هذه الأرض أو هذه الجارية فهو عارية . وقال : فالأصل أن لفظة المنحة إذا أضيفت إلى ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه فهو هبة ، وإذا أضيفت إلى ما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه فهو عارية انتهى . وهكذا ذكر في عامة المعتبرات ، وقوله عليه الصلاة والسلام { المنحة مردودة } لا يفرق بين الفصلين ، فتعليل الفصل الثاني به ينتقض بالفصل الأول فتأمل في التوجيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية