صفحة جزء
قال : ( وإن استأجر دارا سنة بعشرة دراهم جاز وإن لم يبين قسط كل شهر من الأجرة ) ; لأن المدة معلومة بدون التقسيم فصار كإجارة شهر واحد فإنه جائز وإن لم يبين قسط كل يوم ، ثم يعتبر ابتداء المدة مما سمى [ ص: 95 - 96 ] وإن لم يسم شيئا فهو من الوقت الذي استأجره ; لأن الأوقات كلها في حق الإجارة على السواء فأشبه اليمين ، بخلاف الصوم ; لأن الليالي ليست بمحل له ( ثم إن كان العقد حين يهل الهلال فشهور السنة كلها بالأهلة ) ; لأنها هي الأصل ( وإن كان في أثناء الشهر فالكل بالأيام ) عند أبي حنيفة وهو رواية عن أبي يوسف . وعند محمد وهو رواية عن أبي يوسف الأول بالأيام والباقي بالأهلة ; لأن الأيام يصار إليها ضرورة ، والضرورة في الأول منها . وله أنه متى تم الأول بالأيام ابتدأ الثاني بالأيام ضرورة وهكذا إلى آخر السنة ، ونظيره العدة وقد مر في الطلاق .


( قوله : لأن الأوقات كلها في حق الإجارة على السواء ) قال صاحب العناية في تعليله لذكر الشهور منكورا وتبعه الشارح العيني . أقول : ليس ذلك بسديد . أما أولا فلأن المذكور في المسألة هو السنة دون الشهور . وأما ثانيا فلأن المذكور في مسألة النذر بالصوم أيضا منكور مع أن الجواب مختلف . والصواب في تعليل ذلك أن يقال : لأن كل الأوقات محل للإجارة ، إذ لا منافاة بين الإجارة وبين وقت ما أصلا ، فإن هذا التعليل هو الفارق بين المسألتين وهو الموافق لقول المصنف بخلاف الصوم ; لأن الليالي ليس بمحل له تبصر . ( قوله : ثم إن كان العقد حين يهل الهلال ) قال صاحب النهاية بضم الياء وفتح الهاء على صيغة بناء المفعول : أي يبصر الهلال وقال : أراد به اليوم الأول ، ورد عليه صاحب الغاية حيث قال : فسر بعضهم في شرحه قوله حين يهل بقوله أراد به اليوم الأول ، وفيه نظر ; لأنه ليس حين يهل الهلال بل هو أول الليلة الأولى من الشهر . انتهى كلامه .

أقول : نظره ساقط ; لأن [ ص: 97 ] صاحب النهاية قد فسر قوله يهل الهلال بقوله : أي يبصر الهلال ، فعلى هذا التفسير كان معنى قوله حين يهل الهلال حين يبصر الهلال وهو أول الليلة من الشهر قطعا ، وليس مراده بقوله أراد به اليوم الأول تفسير معنى قوله حين يهل الهلال ، إذ قد علم معناه من تفسيره السابق قطعا ، بل مراده بذلك بيان أن ليس المراد بقولهم حين يهل الهلال في هذه المسألة معناه الحقيقي ، وهو أول الليلة من الشهر لتعسر كون العقد فيه ، بل المراد به معناه العرفي وهو اليوم الأول من الشهر ، وهذا نظير ما قالوا في المسألة الأولى لم يرد محمد رحمه الله برأس الشهر في قوله لكل واحد منهما أن ينقض الإجارة رأس الشهر من حيث الحقيقة ، وهو الساعة التي يهل فيها الهلال بل رأس الشهر من حيث العرف والعادة ، وهو الليلة التي يهل فيها الهلال ويومها فلا يرد عليه [ ص: 98 ] النظر المزبور أصلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية