صفحة جزء
( وإذا تزوج عبد رجل أمة لآخر فأعتق مولى الأمة الأمة وهي حامل من العبد عتقت وعتق حملها ، وولاء الحمل لمولى الأم لا ينتقل عنه أبدا ) لأنه عتق على معتق الأم مقصودا إذ هو جزء منها يقبل الإعتاق مقصودا فلا ينتقل ولاؤه عنه عملا بما روينا ( وكذلك إذا ولدت ولدا لأقل من ستة أشهر ) للتيقن بقيام الحمل وقت الإعتاق ( أو ولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر ) لأنهما توأمان يتعلقان معا . وهذا بخلاف ما إذا والت رجلا وهي حبلى والزوج والى غيره حيث يكون ولاء الولد لمولى الأب لأن الجنين غير قابل لهذا الولاء مقصودا ، لأن تمامه بالإيجاب والقبول وهو ليس بمحل له .

[ ص: 222 ] قال ( فإن ولدت بعد عتقها لأكثر من ستة أشهر ولدا فولاؤه لموالي الأم ) لأنه عتق تبعا للأم لاتصاله بها بعد عتقها فيتبعها في الولاء ولم يتيقن بقيامه وقت الإعتاق حتى يعتق مقصودا ( فإن أعتق الأب جر ولاء ابنه وانتقل عن موالي الأم إلى موالي الأب ) لأن العتق هاهنا في الولد يثبت تبعا للأم ، بخلاف الأول ، وهذا لأن الولاء بمنزلة النسب قال عليه الصلاة والسلام { الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب ولا يورث } ثم النسب إلى الآباء فكذلك الولاء والنسبة إلى موالي الأم كانت لعدم أهلية الأب ضرورة ، فإذا صار أهلا عاد الولاء إليه ; كولد الملاعنة ينسب إلى قوم الأم ضرورة ، فإذا أكذب الملاعن نفسه ينسب إليه ، بخلاف ما إذا أعتقت المعتدة عن موت أو طلاق فجاءت بولد لأقل من سنتين من وقت الموت أو الطلاق حيث يكون الولد مولى لموالي الأم وإن أعتق الأب لتعذر إضافة العلوق إلى ما بعد الموت والطلاق البائن لحرمة الوطء وبعد الطلاق الرجعي لما أنه يصير مراجعا بالشك فأسند إلى حالة النكاح فكان الولد موجودا عند الإعتاق فعتق مقصودا


( قوله وإذا تزوج عبد رجل أمة لآخر فأعتق مولى الأمة الأمة وهي حامل من العبد عتقت وعتق حملها ، وولاء الحمل لمولى الأم لا ينتقل عنه أبدا ) هذا لفظ القدوري . قال المصنف في تعليله لأنه عتق على معتق الأم مقصودا فلا ينتقل ولاؤه عنه عملا بما روينا .

وقال الشراح : إنما صار الحمل معتقا مقصودا لأن المولى قصد إعتاق الأم والقصد إليها بالإعتاق قصد إلى جميع أجزائها والحمل جزء منها فصار معتقا مقصودا ا هـ . أقول : يرى المخالفة بين ما ذكروا هاهنا وبين ما ذكره المصنف في كتاب العتاق فإنه قال هناك : وإن أعتق حاملا عتق حملها تبعا لها إذ هو متصل [ ص: 222 ] بها ا هـ .

والظاهر منه أن يصير الحمل معتقا تبعا ألبتة لا مقصودا فليتأمل في التوفيق ( قوله فإن أعتق الأب جر ولاء ابنه وانتقل عن موالي الأم إلى موالي الأب ) قال في الكافي : فإن قيل : الولاء كالنسب والنسب لا يحتمل الفسخ بعد ثبوته فكذا الولاء يجب أن لا ينفسخ بعد ثبوته . قلنا : لا ينفسخ ، ولكن حدث ولاء أولى منه فقدم عليه كما نقول في الأخ إنه عصبة فإذا حدث من هو أولى منه في الإرث لا يبطل تعصيبه ولكن يقدم عليه ا هـ . وذكر في غاية البيان أيضا هذا السؤال والجواب نقلا عن الشيخ أبي نصر . أقول : في الجواب إشكال ، وهو أنه لو لم ينفسخ الولاء بل قدم عليه ولاء أولى منه في الإرث لزم أن ترث موالي الأم عند انقطاع موالي الأب بعد انتقال الولاء عن مواليها إلى مواليه كما هو الحال في العصبة الأدنى عند انقطاع العصبة الأولى منه كالأخ عند عدم الابن والأب ، ولم يرو عن أحد أن يرث موالي الأم بالولاء في حال بعد أن انتقل عنهم الولاء بالجر ( قوله بخلاف ما إذا أعتقت المعتدة عن موت أو طلاق فجاءت بولد لأقل من سنتين من وقت الموت أو الطلاق إلخ ) .

قال صاحب النهاية ومعراج الدراية : قول المصنف هذا إلخ يتعلق بقوله فإذا صار أهلا عاد الولاء إليه : يعني إذا ولدت بعد عتقها لأكثر من ستة أشهر ثم أعتق الأب يجر ولاء ابنه من موالي الأم إلى موالي نفسه ، بخلاف ما إذا ولدت الأمة المعتدة عن موت أو طلاق حيث لا يجر ولاء ابنه إلى موالي نفسه ، وإن كانت الولادة بعد عتقها لأكثر من ستة أشهر بل يكون ولاء الولد لموالي أمه [ ص: 223 ] وإن أعتق الأب لتعذر إضافة العلوق إلى ما بعد الموت لاستحالته من الميت وإلى ما بعد الطلاق .

أما إذا كان بائنا فلحرمة الوطء بعده . وأما إذا كان رجعيا فلئلا يصير مراجعا بالشك فأسند إلى حالة النكاح فكان الحمل موجودا عند إعتاق الأم فعتق مقصودا فلا ينتقل انتهى . وأدى صاحب العناية أيضا هذا المعنى ولكن بطريق النقض ، والجواب حيث قال : ونوقض قوله فإذا صار أهلا عاد الولاء إليه بما إذا أعتقت المعتدة عن موت بأن كانت الأمة امرأة مكاتب فمات عن وفاء أو أعتقت المعتدة عن طلاق فجاءت بولد لأقل من سنتين من وقت الموت أو الطلاق حيث يكون الولد مولى لموالي الأم لم ينتقل عنهم وإن أعتق الأب .

والجواب أن العود إليه بعود الأهلية ، ولم يثبت بهذا العتق للأب أهلية لتعذر إضافة العلوق إلى ما بعد الموت وهو ظاهر ، وإلى ما بعد الطلاق البائن لحرمة الوطء ، وكذلك بعد الطلاق الرجعي لما أنه يصير مراجعا بالشك ، لأنها إذا جاءت به لأقل من سنتين احتمل أن يكون موجودا عند الطلاق فلا حاجة إلى إثبات الرجعة لثبوت النسب ، واحتمل أن لا يكون فيحتاج إلى إثباتها ليثبت النسب ، وإذا تعذر إضافته إلى ما بعد ذلك أسند إلى حالة النكاح فكان الولد موجودا عند الإعتاق فعتق مقصودا ، ومن عتق مقصودا لا ينتقل ولاؤه كما تقدم انتهى كلامه .

أقول : مدار كلامهم على أن يكون قول المصنف بخلاف ما إذا أعتقت المعتدة عن موت أو طلاق إلخ متعلقا بقوله فإذا صار أهلا عاد الولاء إليه ، لكنه محل بحث ، فإن العود إنما يتصور فيما إذا ثبت الولاء أولا لموالي الأم ثم انتقل إلى موالي الأب بصيرورته أهلا ، وهذا إنما يتحقق فيما إذا تقدم عتق الأم على عتق الأب ، ولا يخفى أن عتق الأب مقدم على عتق الأم في صورة إن عتقت المعتدة عن موت ، إذ لا مجال لإحداث العتق في الميت فلا يتصور في هاتيك الصورة العود أصلا فلا يتوهم بها النقض رأسا على قوله فإذا صار أهلا عاد الولاء إليه فلا يحتاج إلى دفعه بقوله بخلاف ما إذا أعتقت المعتدة عن موت ، وبالجملة لا مساس لتلك الصورة أصلا بمسألة انتقال الولاء بالجر بخلاف الصورة الثانية وهي ما إذا أعتقت المعتدة عن طلاق فإنه يجوز هناك أن يقع عتق الأب بعد عتق الأم فتصير مظنة النقض بها على مسألة جر الولاء فيحسن تدارك دفعه .

فإن قلت : قد تدارك صاحب العناية ربط الصورة الأولى أيضا بما نحن فيه حيث قال في تصويرها : بأن كانت الأمة امرأة مكاتب فمات عن وفاء فأدى إلى تأخر عتق الأب عن عتق الأم . قلت : لا يتيسر التأخر فيما قاله أيضا ، إذ قد مر في كتاب المكاتب أن في المكاتب الذي مات عن وفاء قولين عن أصحابنا أحدهما مذهب الجمهور وهو أنه يعتق في آخر [ ص: 224 ] جزء من أجزاء حياته ، فعلى هذا يتعين تقدم عتق الأب على عتق الأم فيما صوره أيضا . وثانيهما مذهب البعض وهو أنه يعتق بعد الموت وذلك بأن ينزل حيا تقديرا في حق الأداء كما ينزل الميت حيا في حق التجهيز والتكفين ، فعلى هذا أن اللازم فيما صوره أيضا اعتبار عتقه بعد موته لا اعتبار عتقه بعد عتق امرأته المعتدة عن موته حتى يتأخر عتقها عن عتقه ، اللهم إلا أن يفرض تحقق الأداء عما تركه المكاتب وفاء بعدما أعتقت امرأته ويعتبر عتقه حين تحقق الأداء بعد الموت على مذهب البعض فتأمل

التالي السابق


الخدمات العلمية