صفحة جزء
قال ( وينظر الرجل من أمته التي تحل له وزوجته إلى فرجها ) وهذا إطلاق في النظر إلى سائر بدنها عن شهوة وغير شهوة . والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { غض بصرك إلا عن أمتك وامرأتك } ولأن ما فوق ذلك من المس والغشيان مباح فالنظر أولى ، إلا أن الأولى أن لا ينظر كل واحد منهما إلى عورة صاحبه لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ما استطاع ولا يتجردان تجرد العير } ولأن ذلك يورث النسيان لورود الأثر . وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : الأولى أن ينظر ليكون أبلغ في تحصيل معنى اللذة .


( قوله والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام { غض بصرك إلا عن أمتك وامرأتك } ) قال في الكافي بعد ذكر هذا الأصل الذي هو حديث أبي هريرة : وقالت عائشة رضي الله عنها : { كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناء واحد ، وكنت أقول بق لي بق لي . وهو يقول بق لي بق لي } ولو لم يكن النظر مباحا لما تجرد كل واحد منهما بين يدي صاحبه انتهى .

وقصد الشارح العيني تزييف الاستدلال على المدعى هاهنا بحديث عائشة رضي الله عنها فقال بعد أن ذكر الاستدلال بذلك : قلت : لا يتم الاستدلال بهذا ; لأنه لا يلزم أن يكون اغتسالهما معا بل يجوز أن يكون متعاقبين ولكن في ساعة واحدة . ولئن سلمنا فلا يدل ذلك على أن كلا منهما كان ينظر إلى فرج الآخر . كيف وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت { قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ير مني ولم أر منه } انتهى . أقول : ليس شيء من كلامه المنفي والتسليمي بصحيح .

أما الأول فلأن قولها رضي الله عنها وكنت أقول بق لي بق لي وهو يقول لي بق لي يدل قطعا على أن يكون اغتسالهما معا . إذ لو كان على التعاقب لما صح من المتقدم منهما طلب تبقية الماء من الآخر ، إذ المباشر أولا هو المتقدم فالتبقية وظيفته لا وظيفة الآخر ، فلا معنى لطلبها من الآخر .

وأما الثاني فلأن المدعى هاهنا مجرد جواز النظر إلى الفرج لا لزوم وقوعه ألبتة ، ولا شك أن تجرد كل واحد منهما بين يدي صاحبه يدل على جواز ذلك فإن التجرد سبب لرؤية العورة عادة ، فلو لم يكن النظر إليها مباحا للزوج لما وقع التجرد منهما للقطع بتحرز النبي صلى الله عليه وسلم عن مظان الحرمة .

ثم إن مجرد جواز النظر إلى فرج الزوج لا ينافي عدم وقوعه منهما تأدبا على مقتضى مكارم الأخلاق . فلا تدافع بين حديثي عائشة أصلا .

التالي السابق


الخدمات العلمية