صفحة جزء
قال ( ولا يجوز إحياء ما قرب من العامر ويترك مرعى لأهل القرية ومطرحا لحصائدهم ) لتحقق حاجتهم إليها حقيقة أو دلالة على ما بيناه ، فلا يكون مواتا لتعلق حقهم بها بمنزلة الطريق والنهر . على هذا قالوا : لا يجوز للإمام أن يقطع ما لا غنى بالمسلمين عنه كالملح والآبار التي يستقي الناس منها لما ذكرنا .


( قوله لتحقق حاجتهم إليها حقيقة أو دلالة على ما بيناه ) قال عامة الشراح في حل هذا التعليل : لتحقق حاجتهم إليها حقيقة : أي عند محمد رحمه الله ، أو دلالة : أي عند أبي يوسف رحمه الله . وقال صاحب معراج الدراية بعد نقل ذلك : أراد بقوله على ما بيناه قوله ومحمد اعتبر انقطاع ارتفاق أهل القرية عنها حقيقة إلخ . واقتفى أثره صاحب العناية والشارح العيني ، أقول : لم يصب هؤلاء الثلاثة من الشراح في حملهم مراد المصنف بقوله على ما بيناه على ما ذكروا ، إذ الظاهر أن مراد المصنف بقوله المزبور مجموع ما ذكره فيما مر بقوله : والبعد عن القرية على ما قال شرطه أبو يوسف ; لأن الظاهر أن ما يكون قريبا من القرية لا ينقطع ارتفاق أهلها عنه فيدار الحكم عليه ومحمد اعتبر انقطاع ارتفاق أهل القرية عنها حقيقة وإن كان قريبا من القرية انتهى . إذ يصير قوله على ما بيناه حينئذ ناظرا إلى مجموع قوله لتحقق حاجتهم إليها حقيقة أو دلالة فيحسن ، وأما على ما ذكره هؤلاء الشراح فيصير قوله المزبور ناظرا إلى قوله لتحقق حاجتهم إليها حقيقة فقط ، ولا يخفى ما فيه من الركاكة . أما أولا فلأنه كان ينبغي إذ ذاك أن يقدم قوله على ما بيناه على قوله أو دلالة كما لا يشتبه على ذي فطرة سليمة .

وأما ثانيا فلأنه يلزم حينئذ أن يقصر حوالة البيان على صورة حقيقة الحاجة إليها مع مرور بيان صورة دلالة الحاجة إليها أيضا ، وذلك مما لا ضرورة فيه بل لا وجه له

التالي السابق


الخدمات العلمية