صفحة جزء
( وليس لأحد الشركاء في النهر أن يسوق شربه إلى أرض له أخرى ليس لها في ذلك شرب ) ; لأنه إذا تقادم العهد يستدل به على أنه حقه ( وكذا إذا أراد أن يسوق شربه [ ص: 87 ] في أرضه الأولى حتى ينتهي إلى هذه الأرض الأخرى ) ; لأنه يستوفي زيادة على حقه ، إذ الأرض الأولى تنشف بعض الماء قبل أن تسقى الأرض الأخرى ، وهو نظير طريق مشترك أراد أحدهم أن يفتح فيه بابا إلى دار أخرى ساكنها غير ساكن هذه الدار التي يفتحها في هذا الطريق ، ولو أراد الأعلى من الشريكين في النهر الخاص وفيه كوى بينهما أن يسد بعضها دفعا لفيض الماء عن أرضه كي لا تنز ليس له ذلك لما فيه من الضرر بالآخر ، وكذا إذا أراد أن يقسم الشرب مناصفة بينهما ; لأن القسمة بالكوى تقدمت إلا أن يتراضيا ; لأن الحق لهما ، وبعض التراضي لصاحب الأسفل أن ينقض ذلك . وكذا لورثته من بعده ; لأنه إعارة الشرب ، فإن مبادلة الشرب بالشرب باطلة ، والشرب مما يورث ويوصى بالانتفاع بعينه ، بخلاف البيع والهبة والصدقة والوصية بذلك حيث لا تجوز العقود إما للجهالة أو للغرر ، أو لأنه ليس بمال متقوم حتى لا يضمن إذا سقى من شرب غيره ، وإذا بطلت العقود فالوصية بالباطل باطلة ، وكذا لا يصلح مسمى في النكاح حتى يجب مهر المثل ، ولا في الخلع حتى يجب رد [ ص: 88 ] ما قبضت من الصداق لتفاحش الجهالة . ولا يصلح بدل الصلح عن الدعوى ; لأنه لا يملك بشيء من العقود . ولا يباع الشرب في دين صاحبه بعد موته بدون أرض كما في حال حياته ، وكيف يصنع الإمام ؟ الأصح أن يضمه إلى أرض لا شرب لها فيبيعها بإذن صاحبها ، ثم ينظر إلى قيمة الأرض مع الشرب وبدونه فيصرف التفاوت إلى قضاء الدين ، وإن لم يجد ذلك اشترى على تركة الميت أرضا بغير شرب ، ثم ضم الشرب إليها وباعهما فيصرف من الثمن إلى ثمن الأرض ويصرف الفاضل إلى قضاء الدين


( قوله والشرب مما يورث ويوصى بالانتفاع بعينه ، بخلاف البيع والصدقة والهبة والوصية بذلك حيث لا تجوز العقود إما للجهالة أو للغرر ، أو لأنه ليس بمال متقوم حتى لا يضمن إذا سقى من شرب غيره ) ذكر المصنف في باب البيع الفاسد من كتاب البيوع أن الشرب يجوز بيعه تبعا للأرض باتفاق الروايات ، ومفردا في رواية ، وهو اختيار مشايخ بلخ ; لأنه حظ من الماء ولهذا يضمن بالإتلاف وله قسط من الثمن على ما ذكر في كتاب الشرب انتهى .

فتوهم بعضهم أن قوله هاهنا حتى لا يضمن إذا سقى من شرب غيره يناقض قوله هناك ، ولهذا يضمن بالإتلاف مناقضة ظاهرة . أقول : ليس ذاك بشيء ; لأن بناء كلامه في المقامين على الروايتين ، فما ذكره هاهنا على رواية الأصل وهو مختارشيخ الإسلام خواهر زاده ، وما ذكره هناك على ما قاله الإمام فخر الإسلام البزدوي . وقد أفصح عنه صاحب الخلاصة حيث قال : رجل له نوبة ماء في يوم معين من الأسبوع فجاء رجل فسقى أرضه في نوبته ، ذكر الإمام علي البزدوي أن غاصب الماء يكون ضامنا ، وذكر في الأصل [ ص: 88 ] أنه لا يكون ضامنا . ثم قال : وفي فتاوى الصغرى : رجل أتلف شرب رجل بأن يسقي أرضه بشرب غيره ، قال الإمام البزدوي : ضمن ، وقال الإمام خواهر زاده : لا يضمن وعليه الفتوى انتهى .

وأفصح عنه صاحب الكافي أيضا هاهنا حيث قال : حتى لو أتلف شرب إنسان بأن يسقي أرضه من شرب غيره لا يضمن على رواية الأصل وإن اختار فخر الإسلام أنه يضمن انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية