صفحة جزء
قال ( وإن قطع أصبع رجل من المفصل الأعلى فشل ما بقي من الأصبع أو اليد كلها لا قصاص عليه في شيء من ذلك ) وينبغي أن تجب الدية في المفصل الأعلى وفيما بقي حكومة عدل ( وكذلك لو كسر سن رجل فاسود ما بقي ) ولم يحك خلافا وينبغي أن تجب الدية في السن كله ( ولو قال : اقطع المفصل واترك ما يبس أو اكسر القدر المكسور واترك الباقي لم يكن له ذلك ) لأن الفعل في نفسه ما وقع موجبا للقود فصار كما لو شجه منقلة فقال : أشجه موضحة أترك الزيادة . لهما في الخلافية أن الفعل في محلين فيكون جنايتين مبتدأتين فالشبهة في إحداهما لا تتعدى إلى الأخرى ، كمن رمى إلى رجل عمدا فأصابه ونفذ منه إلى غيره فقتله يجب القود في الأول والدية في الثاني . وله أن الجراحة الأولى سارية والجزاء بالمثل ، وليس في وسعه الساري فيجب المال ، ولأن الفعل واحد حقيقة وهو الحركة القائمة ، وكذا المحل متحد من وجه لاتصال أحدهما بالآخر فأورثت نهايته شبهة الخطأ في البداية ، بخلاف النفسين لأن أحدهما ليس من سراية صاحبه ، وبخلاف ما إذا وقع السكين على الأصبع [ ص: 294 ] لأنه ليس فعلا مقصودا .

قال : ( وإن قطع أصبعا فشلت إلى جنبها أخرى فلا قصاص في شيء من ذلك ) عند أبي حنيفة . وقالا هما وزفر والحسن : يقتص من الأولى وفي الثانية أرشها . والوجه من الجانبين قد ذكرناه . وروى ابن سماعة عن محمد في المسألة الأولى وهو ما إذا شج موضحة فذهب بصره أنه يجب القصاص فيهما لأن الحاصل بالسراية مباشرة كما في النفس والبصر يجري فيه القصاص ، بخلاف الخلافية الأخيرة لأن الشلل لا قصاص فيه ، فصار الأصل عند محمد على هذه الرواية أن سراية ما يجب فيه القصاص إلى ما يمكن فيه القصاص يوجب الاقتصاص كما لو آلت إلى النفس وقد وقع الأول ظلما . ووجه المشهور أن ذهاب البصر بطريق التسبيب ; ألا يرى أن الشجة بقيت موجبة في نفسها ولا قود في التسبيب ، بخلاف السراية إلى النفس لأنه لا تبقى الأولى فانقلبت الثانية مباشرة . .


( قوله وينبغي أن تجب الدية في المفصل الأعلى وفيما بقي حكومة عدل ) أقول : لقائل أن يقول : هذا يخالف وينافي ما ذكره [ ص: 294 ] فيما قبل من قوله وقد تعلقا بسبب واحد فدخل الجزء في الكل ، كما إذا قطع أصبع رجل فشلت يده فإن مقتضى ما أسلفه أن يجب في الكل الدية ويدخل الجزء في الكل على خلاف ما ذكره هاهنا ، اللهم إلا أن يكون بناء اختلاف ما ذكره في المقامين [ ص: 295 ] على اختلاف الروايتين في المسألة ، ومما يعضده كلام تاج الشريعة هنا حيث قال : وذكر الصدر الشهيد في الجامع على نحو ما ذكر هنا ، وذكر فخر الإسلام البزدوي في مبسوطه : أجمعوا على أنه لو قطع مفصلا من أصبع فشل الباقي فإنه يجب في الكل الأرش ويجعل كله جناية واحدة انتهى تدبر .

التالي السابق


الخدمات العلمية