صفحة جزء
قال ( ومن أرسل بهيمة وكان لها سائقا فأصابت في فورها يضمنه ) لأن الفعل انتقل إليه بواسطة السوق . قال ( ولو أرسل طيرا وساقه فأصاب في فوره لم يضمن ) والفرق أن بدن البهيمة يحتمل السوق فاعتبر سوقه والطير لا يحتمل السوق فصار وجود السوق وعدمه بمنزلة ، وكذا لو أرسل كلبا ولم يكن له سائقا لم يضمن ، ولو [ ص: 332 ] أرسله إلى صيد ولم يكن له سائقا فأخذ الصيد وقتله حل . ووجه الفرق أن البهيمة مختارة في فعلها ولا تصلح نائبة عن المرسل فلا يضاف فعلها إلى غيرها ، هذا هو الحقيقة ، إلا أن الحاجة مست في الاصطياد فأضيف إلى المرسل لأن الاصطياد مشروع ولا طريق له سواه ولا حاجة في حق ضمان العدوان . وروي عن أبي يوسف أنه أوجب الضمان في هذا كله احتياطا صيانة لأموال الناس . قال رضي الله عنه : وذكر في المبسوط إذا أرسل دابة في طريق المسلمين فأصابت في فورها فالمرسل ضامن ; لأن سيرها مضاف إليه ما دامت تسير على سننها ، ولو انعطفت يمنة أو يسرة انقطع حكم الإرسال إلا إذا لم يكن له طريق آخر سواه وكذا إذا وقفت ثم سارت بخلاف ما إذا وقفت بعد الإرسال في الاصطياد ثم سارت فأخذت الصيد ، لأن تلك الوقفة تحقق مقصود المرسل لأنه لتمكنه من الصيد ، وهذه تنافي مقصود المرسل وهو السير فينقطع حكم الإرسال ، وبخلاف ما إذا أرسله إلى صيد فأصاب نفسا أو مالا في فوره لا يضمنه من أرسله ، وفي الإرسال في الطريق يضمنه لأن شغل الطريق تعد فيضمن ما تولد منه ، أما الإرسال للاصطياد فمباح ولا تسبيب إلا بوصف التعدي .


( قوله أما الإرسال للاصطياد فمباح ) قال بعض الفضلاء : نعم إلا أنه لم لا يكن مقيدا بشرط السلامة ا هـ .

أقول : جوابه يظهر بقول المصنف رحمه الله ولا تسبيب إلا بوصف التعدي ، فإن كون الفعل المباح مقيدا بشرط السلامة إنما هو فيما وجد فيه التعدي كما في المرور في طريق المسلمين حيث يوجد فيه شغل الطريق الذي هو حق العامة . وأما فيما لا يوجد فيه التعدي كما في الإرسال للاصطياد فلا معنى للتقييد بشرط السلامة ، لأن الضمان في أمثال ذلك إنما يتصور بالتسبيب ولا تسبيب إلا بوصف التعدي ، وحيث لم يوجد التعدي لم يتصور التسبيب فلا ضمان أصلا . وقد أوضح الفرق بين إرسال الدابة في الطريق وبين إرسال الكلب أو البازي للاصطياد في الذخيرة حيث قال : وجه الفرق أن إرسال الدابة في الطريق إذا لم يتبع مع الدابة وأمكنه الاتباع تعد من صاحبه ، فما تولد منه يكون مضمونا عليه . وأما إرسال الكلب أو البازي من غير اتباع معه فليس بتعد منه لأنه لا يمكنه الاتباع ، والمتسبب في الإتلاف لا يضمن إلا إذا كان متعديا . ا هـ تبصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية