صفحة جزء
قال ( ولو أرسل بهيمة فأفسدت زرعا على فوره ضمن المرسل ، وإن مالت يمينا أو شمالا ) وله طريق آخر لا يضمن لما مر ، ولو انفلتت الدابة فأصابت مالا أو آدميا ليلا أو نهارا ( لا ضمان على صاحبها ) لقوله عليه الصلاة والسلام { جرح العجماء جبار } وقال محمد رحمه الله : هي المنفلتة ، ولأن الفعل غير مضاف إليه لعدم ما يوجب النسبة إليه [ ص: 333 ] من الإرسال وأخواته .


( قوله ولأن الفعل غير مضاف إليه لعدم ما يوجب النسبة إليه من الإرسال وأخواته ) وهي السوق والقود والركوب ، كذا في عامة الشروح . وقال في النهاية بعد بيانها على النمط المزبور كان من حق [ ص: 333 ] اللفظ أن يقول : من الإرسال وأمثاله ، أو يقول : من الإرسال وأخواتها بتأويل الكلمة ، إذ السوق أو القود لما كان أختا لا أخا للإرسال كان الإرسال أختا أيضا ، وإلا يلزم جعل بعض أسباب التعدي أخا وبعضها أختا من غير دليل ا هـ .

وقال صاحب العناية بعد نقل هذا عن النهاية : وليس بشيء لأنه ليس هنا مؤنث معنوي خولف فيما يقتضيه حتى يناقش على ذلك ا هـ .

أقول : ليس هذا بدافع لما قاله صاحب النهاية ، فإنه لم يقل كان من حق اللفظ أن يؤتى بأداء التأنيث ألبتة حتى يقال : ليس هنا مؤنث معنوي يقتضي الإتيان بأداة التأنيث ، بل قال : كان حقه أن يجعل أسباب التعدي في قرن واحد من التذكير والتأنيث بأن يقال من الإرسال وأمثاله ، أو يقال من الإرسال وأخواتها ، وإلا يلزم جعل بعضها مذكرا وبعضها مؤنثا من غير أمر يدعو إليه ، وما ذكره صاحب العناية لا يدفع ذلك لا محالة . ثم أقول : الوجه في دفع ذلك أن يقال : لما جاز تذكير كل واحد من تلك الأسباب باعتبار ما في ظاهر لفظ كل واحد منها وفي معناه من التذكير وجاز تأنيث كل واحد منها بتأويل لفظه بالكلمة أو تأويل معناه بالفعلة صح في كل واحد منها الوجهان . ثم إن المصنف لما قصد رعاية صنعة المطابقة وهي الجمع بين المتضادين كما في قوله تعالى { ولكم في القصاص حياة } على ما عرف ذكر بعض تلك الأسباب وأنث بعضها فقال من الإرسال وأخواته ، تدبر تقف .

التالي السابق


الخدمات العلمية