صفحة جزء
[ ص: 446 ] قال ( ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر له ثلث مالي وأجازت الورثة فله ثلث المال ويدخل السدس فيه ، ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في غيره سدس مالي لفلان فله سدس واحد ) لأن السدس ذكر معرفا بالإضافة إلى المال ، والمعرفة إذا أعيدت يراد بالثاني عين الأول هو المعهود في اللغة .


( قوله ومن قال سدس مالي لفلان ثم قال في ذلك المجلس أو في مجلس آخر له ثلث مالي وأجازت الورثة فله ثلث المال ويدخل السدس فيه ) لأن الكلام الثاني يحتمل أنه أراد به زيادة السدس على الأول حتى يتم له الثلث ، [ ص: 447 ] ويحتمل أنه أراد به إيجاب ثلث على السدس حتى يصير المجموع نصفا وعند الاحتمال لا يثبت له إلا القدر المتيقن فيجعل السدس داخلا في الثلث حملا لكلامه على المتيقن ، هذا زبدة ما في الشروح . قال بعض المتأخرين بعد ذكر الدليل على هذا المنوال : هكذا قالوا ، وهذا كما ترى حمل للكلام على أحد محتمليه . ولك أن تقول : لما كان الكلام محتملا للمعنيين وكان القدر الثابت به بيقين على الاحتمالين الثلث . قلنا : ما ثبت به من الوصية هو الثلث لكن لا بطريق حمله على أحد محتمليه كما زعموا ، بل يجعله بمنزلة أن يقال بدأ ثلث مالي وصية لأن المتيقن ثبوت الثلث بمجموع الاحتمالين لا بأولهما ، إلى هنا كلامه . أقول : ليس هذا بشيء إذ لا شك أن المتيقن ثبوت الثلث بأول الاحتمالين ، فإن زيادة الثلث على السدس كما هو الاحتمال الأول يقتضي ثبوت الثلث بلا ريب ، وانضمام الاحتمال الثاني إليه إنما يفيد جواز إرادة النصف ولا تأثير له في ثبوت الثلث لثبوته بدون ذلك .

فالمعنى الصحيح هنا ما ذكره الجمهور لا ما زاده ذلك البعض من عند نفسه . وقال صاحب العناية : فإن قيل : إذا أجازت الورثة كان الواجب أن يكون له نصف المال وإلا لم يبق لقوله وأجازت الورثة فائدة . فالجواب أن معناه حقه الثلث وإن أجازت الورثة لأن السدس يدخل في الثلث من حيث إنه يحتمل أنه أراد بالثانية زيادة السدس على الأول حتى يتم له الثلث ، ويحتمل أنه أراد بها [ ص: 448 ] إيجاب ثلث على السدس فيجعل السدس داخلا في الثلث لأنه متيقن وحملا لكلامه على ما يملكه وهو الإيصاء بالثلث ا هـ . أقول : في قوله وحملا لكلامه على ما يملكه وهو الإيصاء بالثلث بحث ، لأن ما يملكه إنما يكون هو الإيصاء بالثلث إذا لم تجز الورثة . وأما إذا أجازت كما هو المفروض هنا فيملك الإيصاء بما زاد على الثلث أيضا ، ويتملكه المجاز له من قبل الموصي عندنا كما مر في أوائل هذا الكتاب فلا يتم هذه العلة تدبر

التالي السابق


الخدمات العلمية