صفحة جزء
( ومن شرائطها الوقت فتصح في وقت الظهر ولا تصح بعده ) [ ص: 56 ] لقوله عليه الصلاة والسلام { إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة } ( ولو خرج الوقت وهو فيها استقبل الظهر ولا يبنيه عليها ) لاختلافهما .


( قوله : لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا مالت الشمس } إلخ ) وروي { أنه صلى الله عليه وسلم لما بعث مصعب بن عمير إلى المدينة قال : إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة } وفي البخاري عن أنس رضي الله عنه { كان صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس } ، وأخرج مسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه { كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس } الحديث . وأما ما رواه الدارقطني وغيره من حديث عبد الله بن سيدان بكسر السين المهملة قال : شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكان خطبته قبل الزوال ، وذكر عن عمر وعثمان نحوه ، قال : فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره . لو صح لم يقدح في خصوص ما نحن فيه ، فكيف وقد اتفقوا على ضعف ابن سيدان .

واعلم أن الدعوى مركبة من صحتها وقت الظهر لا بعده ، فيرد أنه إنما يتم ما ذكر دليلا لتمامها إذا اعتبر مفهوم الشرط وهو ممنوع عندهم ، أو يكون فيه إجماع وهو منتف في جزء الدعوى ; لأن مالكا يقول ببقاء وقتها إلى الغروب ، والحنابلة قائلون بجواز أدائها قبل الزوال ، وقيل إذا كان يوم عيد . ويجاب بأن شرعية الجمعة مقام الظهر على خلاف القياس ; لأنه سقوط أربع بركعتين فتراعى الخصوصيات التي ورد الشرع بها ما لم يثبت دليل على نفي اشتراطها ، ولم يصلها خارج الوقت في عمره ولا بدون الخطبة فيه فيثبت اشتراطهما وكون الخطبة في الوقت ، حتى لو خطب قبله لا يقع الشرط وعلى اشتراط نفس الخطبة إجماع ، بخلاف ما قام الدليل على عدم اشتراطه ككونها خطبتين بينهما جلسة قدر ما يستقر كل عضو في موضعه يحمد في الأولى ويتشهد ويصلي عليه صلى الله عليه وسلم ويعظ الناس ، وفي الثانية كذلك إلا أنه يدعو مكان الوعظ للمؤمنين والمؤمنات كما قاله الشافعي ; لأنه قام الدليل عند أبي حنيفة رحمه الله على أنه من [ ص: 57 ] السنن أو الواجبات لا شرط على ما سنذكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية