صفحة جزء
( ومن شرائطها الجماعة ) ; لأن الجمعة مشتقة منها ( وأقلهم عند أبي حنيفة ثلاثة سوى الإمام ، وقالا : اثنان سواه ) قال : والأصح أن هذا قول أبي يوسف وحده . له أن في المثنى معنى الاجتماع هي منبئة عنه . ولهما أن الجمع الصحيح إنما هو الثلاث ; لأنه جمع تسمية ومعنى ، والجماعة شرط على [ ص: 61 ] حدة ، وكذا الإمام فلا يعتبر منهم .


( قوله وأقلهم عند أبي حنيفة ثلاثة سوى الإمام ) ولا يشترط كونهم ممن حضر الخطبة ، وقالا اثنان سوى الإمام ، وقال الشافعي أربعون ، ولا حجة له في حديث أسعد بن زرارة أنهم كانوا أربعين ، كما لا حجة لمن نفى اشتراط الأربعين بأن يوم النفور بقي معه صلى الله عليه وسلم اثنا عشر . أما الأول ; فلأن اتفاق كون عددهم أربعين في ذلك اليوم لا يقتضي تعين ذلك العدد شرعا ، وما رواه عن جابر : مضت السنة أن في كل ثلاثة إماما وفي كل أربعين فما فوقه جمعة وأضحى وفطرا ضعيف . قال البيهقي : لا يحتج بمثله ، وأما الثاني فلأن كون [ ص: 61 ] الباقي اثني عشر أو أحد عشر أو ثمانية عشر على اختلاف الروايات قابله رواية كون الباقي أربعين الكل أقوال منقولة في الباقي ، وتصحيح متعين منها بطريقة لم يثبت لنا .

وأيضا بقاء أولئك لا يستلزم الشروع بهم لجواز شروعه بأكثر بأن رجعوا أو جاء غيرهم فصار المتحقق كون الشرط الجماعة ، فقال أبو يوسف : مسمى الجماعة متحقق في الاثنين وكون الجمع الصيغي أقل مدلوله ثلاثة لا يمس ما نحن فيه ، إذ الشرط ليس جماعة تكون مدلول صيغة الجمع ، وهما قالا بل الشرط ذلك ; لأن قوله تعالى { فاسعوا } صيغة جمع فقد طلب الحضور معلقا بلفظ الجمع ، وهو الواو إلى ذكر يستلزم ذاكرا فلزم الشرط جمعا هو مسمى لفظ الجمع مع الإمام وهو المطلوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية