صفحة جزء
( وإن نفر الناس قبل أن يركع الإمام ويسجد ولم يبق إلا النساء والصبيان استقبل الظهر عند أبي حنيفة ، وقالا : إذا نفروا عنه بعدما افتتح الصلاة صلى الجمعة ، فإن نفروا عنه بعدما ركع ركعة وسجد سجدة بنى على الجمعة ) خلافا لزفر . وهو يقول : إنها شرط فلا بد من دوامها كالوقت . ولهما أن الجماعة شرط الانعقاد فلا يشترط دوامها كالخطبة . ولأبي حنيفة أن الانعقاد بالشروع في الصلاة ، ولا يتم ذلك إلا بتمام [ ص: 62 ] الركعة ; لأن ما دونها ليس بصلاة فلا بد من دوامها إليها بخلاف الخطبة فإنها تنافي الصلاة فلا يشترط دوامها ، ولا معتبر ببقاء النسوان ، وكذا الصبيان ; لأنه لا تنعقد بهم الجمعة فلا تتم بهم الجماعة .


( قوله : إلا النساء والصبيان ) يعني من لا تنعقد بهم الجمعة ( قوله : خلافا لزفر ) فعنده إذا نفروا قبل القعدة بطلت ، وحاصل المذكور من وجهه [ ص: 62 ] ووجههم معارضة قياسه على الوقت بقياسهم على الخطبة ، ثم نقض قياسه بأنه لو كانت الجماعة كالوقت لم تصح صلاة المسبوق بركعة في الجمعة ; لأنه منفرد فيما يقضيه ، وكما لا تصح صلاة الجمعة إذا كان بعضها خارج الوقت وأبو حنيفة يقول : إنها شرط الانعقاد لكن انعقاد الصلاة والمصلي تحقق تمامه موقوف على وجود تمام الأركان ; لأن دخول الشيء في الوجود بدخول جميع أركانه ، فما لم يسجد لا يصير مصليا بل مفتتحا الركن بركن ، فكان ذهاب الجماعة قبل السجود كذهابهم قبل التكبير من جهة أنه عدم الجماعة قبل تحقق مسمى الصلاة ، ويظهر من هذا التقرير أنه يجوز موافقته إياها في إلحاق الجماعة بالخطبة في أنه لا يشترط بقاؤها إلى آخر الصلاة ، وإن خالفهما في الاكتفاء بوجودها حال الافتتاح فلذا قلنا حاصل المذكور من وجهه : أي وجه زفر ووجههم ولم نقل وجههما .

التالي السابق


الخدمات العلمية