صفحة جزء
[ ص: 77 ] قال ( ويرفع يديه في تكبيرات العيدين ) يريد به ما سوى تكبيرتي الركوع لقوله عليه الصلاة والسلام { لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن } وذكر من جملتها تكبيرات الأعياد . وعن أبي يوسف أنه لا يرفع ، والحجة علينا ما روينا .


( قوله وذكر من جملتها تكبيرات الأعياد ) تقدم الحديث في باب صفة الصلاة وليس فيه تكبيرات الأعياد . والله تعالى أعلم .

فما روي عن أبي يوسف أنه لا ترفع الأيدي فيها ولا يحتاج فيه إلى القياس على تكبيرات الجنائز . بل يكفي فيه كون المتحقق من الشرع ثبوت التكبير ، ولم يثبت الرفع فيبقى على العدم الأصلي . ويسكت بين كل تكبيرتين قدر ثلاث تسبيحات فإن المولاة توجب الاشتباه على الناس ، وإن كان من الكثرة بحيث لا يكفي في دفع الاشتباه عنهم هذا القدر فصل بأكثر أو كان يكفي لذلك أقل سكت أقل ، وليس بين التكبيرات عندنا ذكر مسنون ; لأنه لم ينقل .

وينبغي أن يقرأ في ركعتي العيد ب سبح اسم ربك الأعلى و ( هل أتاك حديث الغاشية ) . وروى أبو حنيفة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية } رواه أبو حنيفة رحمه الله مرة في العيدين فقط .

[ فروع ] أدرك الإمام راكعا يحرم ، ثم إن غلب على ظنه إدراكه في الركوع إن كبر قائما كبر قائما ثم ركع [ ص: 78 ] لأن القيام هو المحل الأصلي للتكبير ، ويكبر برأي نفسه ; لأنه مسبوق ، وهو منفرد فيما يقضي ، والذكر الفائت يقضى قبل فراغ الإمام بخلاف الفعل ، وإن خشي فوت ركوع الإمام ركع وكبر في ركوعه خلافا لأبي يوسف ، ولا يرفع يديه ; لأن الوضع على الركبتين سنة في محله ، والرفع يكون سنة لا في محله ، وإن رفع الإمام رأسه سقط عنه ما بقي من التكبير ; لأنه إن أتى به في الركوع لزم ترك المتابعة المفروضة للواجب ، والقومة ليست معتبرة بل شرعت للفصل حتى لم يصر مدركا للركعة بإدراكها فلا تكون محلا للتكبير أداء ولا قضاء ، ولو أدركه في القومة لا يقضيها فيه ; لأنه يقضي الركعة مع تكبيراتها المأموم يتبع الإمام ، وإن خالف رأيه ; لأنه بالاقتداء حكمه على نفسه فيما يجتهد فيه فلو جاوز أقوال الصحابة إن سمع منه التكبير لا يتابعه .

واختلفوا فيه ، قيل يتبعه إلى ثلاث عشرة ، وقيل إلى ست عشرة ، فإن زاد عليه فقد خرج عن حد الاجتهاد فلا يتابعه ; لتيقن خطئه كالمتابعة في المنسوخ ، وإن سمع من المبلغ كبر معه ولو زاد على ست عشرة لجواز الخطإ من المبلغ فيما سبق فلا يترك الواجب للاحتمال ، واللاحق يكبر برأي إمامه ; لأنه خلفه ، بخلاف المسبوق .

ومن دخل مع الإمام في صلاة العيد في التشهد يقضي بعد فراغ الإمام صلاة العيد بالاتفاق ، بخلاف الجمعة ; ولو قرأ الفاتحة أو بعضها فذكر أنه لم يكبر كبر وأعاد القراءة . وإن ذكر بعد ضم السورة كبر ولم يعد ; لأن القراءة تمت بالكتاب والسنة فلا يحتمل النقض ، وبخلاف ما قبله فإنها لم تتم إذ لم يتم الواجب فكأنه لم يشرع فيها فيعيدها رعاية للترتيب .

ولو سبق بركعة ورأى رأي ابن مسعود رضي الله عنه يقرأ أولا ثم يقضي ثم يكبر تكبيرات العيد . وفي النوادر : يكبر أولا ; لأن ما يقضيه المسبوق أول صلاته في حق الأذكار إجماعا . وجه الظاهر أن البداءة بالتكبير يؤدي إلى الموالاة بين التكبيرات ، وهو خلاف الإجماع ، ولو بدأ بالقراءة يكون موافقا لعلي رضي الله عنه ; لأنه بدأ بالقراءة فيهما .

ولو كبر الإمام أربعا برأي ابن عباس فتحول إلى رأي ابن مسعود يدع ما بقي من التكبير ويبدأ في الثانية بالقراءة ; لأن تبدل الرأي يظهر في المستقبل ; ولو فرغ من التكبير فتحول إلى رأي علي رضي الله عنه وهو في القراءة لا يعيد التكبير ; لأن ما مضى على الصحة ; لأنه يؤدي إلى توسيط القراءة بين التكبيرات ، وهو خلاف الإجماع ، ولو كبر برأي ابن مسعود فتحول إلى رأي ابن عباس بعد ما قرأ الفاتحة كبر ما بقي وأعاد الفاتحة ، وإن تحول بعد ضم السورة لا يعيد القراءة .

التالي السابق


الخدمات العلمية