صفحة جزء
قال ( وإن كان الإمام مقيما صلى بالطائفة الأولى ركعتين وبالثانية ركعتين ) [ ص: 99 ] لما روي { أنه عليه السلام صلى الظهر بالطائفتين ركعتين ركعتين } ( ويصلي بالطائفة الأولى من المغرب ركعتين ، وبالثانية ركعة واحدة ) [ ص: 100 ] لأن تنصيف الركعة الواحدة غير ممكن ، فجعلها في الأولى أولى بحكم السبق .


( قوله : لما روي { أنه عليه الصلاة والسلام صلى الظهر بالطائفتين ركعتين ركعتين } ) أخرج أبو داود عن أبي بكرة قال { صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى ركعتين ثم سلم ، فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين [ ص: 100 ] ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه ركعتين } وروى مسلم في صحيحه عن جابر قال { أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع قال : كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة فأخذه فاخترطه ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من يمنعك مني ؟ قال : الله يمنعني منك ، قال فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمد السيف وعلقه . قال : ثم نودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا ، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين قال : فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان } فهذان الحديثان هما المعول عليه في هذه المسألة .

وعلى اعتبار الأول لا يكون مقيما ; لأنه صرح بالسلام فيه على رأس الركعتين ، ومطلوب المصنف أنه إذا كان مقيما فعل ذلك ، وإن اعتبر الثاني فليس فيه أنها الظهر ، وإن حمل عليه حملا له على حديث أبي بكرة . وغاية الأمر أنه سكت فيه عن تسمية الصلاة وعن السلام على رأس كل ركعتين لزم كونه في السفر ; لأنها غزوة ذات الرقاع ثم يلزم اقتداء المفترض بالمتنفل ، وإن لم يحمل عليه لزم إما اقتداء المفترض بالمتنفل في الأخريين ، أو جواز الإتمام في السفر ، أو خلط النافلة بالمكتوبة قصدا ، والكل ممنوع عندنا ، والأخير مكروه فلا يحمل عليه فعله عليه الصلاة والسلام واختار الطحاوي في حديث أبي بكرة أنه كان في وقت كانت الفريضة تصلى مرتين وتحقيقه ما سلف في باب صفة الصلاة فارجع إليه . وإلى الآن لم يتم دليل على المسألة من السنة .

والأولى فيه التمسك بالدلالة فإنه لما شطرت الصلاة بين الطائفتين في السفر غير المغرب كذلك في الحضر عند تحقق السبب ، وهو الخوف ، لكن الشطر في الحضر ركعتان فيصلي بالأولى ركعتين وبالثانية ركعتين ( قوله : فجعلها في الأولى أولى ) أي يترجح ، وإذا ترجح عند التعارض فيها لزم اعتباره فلذا لو أخطأ فصلى بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين فسدت على الطائفتين أما الأولى فلانصرافهم في غير أوانه ، وأما الثانية ; فلأنهم لما أدركوا الركعة الثانية صاروا من الطائفة الأولى لإدراكهم الشفع الأول وقد انصرفوا في أوان رجوعهم فتبطل . والأصل أن الانصراف في أوان العود مبطل ، والعود في أوان الانصراف لا يبطل ; لأنه مقبل والأول معرض ، فلا يعذر إلا في المنصوص عليه وهو الانصراف في أوانه ، ولو أخر الانصراف ثم انصرف قبل أوان عوده صح ; لأنه أوان انصرافه ما لم يجئ أوان عوده ، ولو جعلهم ثلاث طوائف وصلى بكل طائفة ركعة فصلاة الأولى فاسدة وصلاة الثانية والثالثة صحيحة ، والمعنى ما قدمنا وتقضى الثانية والثالثة أولا بلا قراءة ; لأنهم لاحقون فيها وتشهدوا ، ثم الركعة بقراءة ; لأنهم مسبوقون والمسبوق لا يقضي ما سبق به حتى يفرغ من قضاء ما أدركه ولو صلى بالأولى ركعة وبالثانية ركعة ثم بالأولى ركعة فسدت صلاة الأولى أيضا لما قلنا ، وكذا تفسد صلاة الطائفتين في الرباعية إذا صلى بكل ركعة ، وعلى هذا لو جعلهم أربعا في الرباعية وصلى بكل ركعة فسدت صلاة [ ص: 101 ] الأولى والثالثة دون الثانية والرابعة .

ثم تقضي الطائفة الثانية الثالثة والرابعة أولا بغير قراءة ، ثم الأولى بقراءة والطائفة الرابعة تقضي ركعتين بقراءة ، ويتخير من في الثالثة ; لأنهم مسبوقون بثلاث ركعات ، ولو جعلهم طائفتين فصلى بالأولى ركعتين فانصرفوا إلا رجلا منهم فصلى الثالثة مع الإمام ثم انصرف فصلاته تامة ; لأنه من الطائفة الأولى وما بعد الشطر الأول إلى الفراغ أوان انصرافهم ، وكذا لو انصرف بعد الرابعة قبل القعود ولو انحرف بعد التشهد قبل السلام لا تفسد وإن كان في غير أوانه ; لأنه أوان عود الطائفة الأولى وهو منهم لكنها لا تفسد لانتهاء الأركان حتى لو بقي عليه شيء بأن كان مسبوقا بركعة فسدت ، وصلاة الإمام جائزة بكل حال لعدم المفسد في حقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية