صفحة جزء
[ ص: 220 ] [أدعية ختم القرآن الكريم]

وأحببت أن أختم هذا الكتاب بأدعية رواها الخلف عن السلف عند ختم القرآن، لأن بركة الدعاء عظيمة ومنافعه عميمة عند نزول الرحمة في وقت ختم القرآن الكريم، قال الله تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} [البقرة: 186]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أفضل العبادة الدعاء".

أخبرنا شيخنا شمس الدين أبو عبد الله الصفوي، قال: أنبأنا الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن مروان البعلبكي، قال: أخبرنا السخاوي، قال: كان شيخنا أبو القاسم، يعني الشاطبي، يدعو عند ختم القرآن بهذا الدعاء:

اللهم إنا عبيدك وأبناء عبيدك، وأبناء إمائك، ماض فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته [ ص: 222 ] أحدا من خلقك، أو أنزلته في شيء من كتبك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، وشفاء صدورنا، وجلاء أحزاننا وهمومنا، وسائقنا وقائدنا إليك وإلى جناتك جنات النعيم، مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. برحمتك يا أرحم الراحمين".

وقيل: هو مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لتفريج الهم.

قال السخاوي: وأنا أزيد عليه: "اللهم اجعله لنا شفاء وهدى وإماما ورحمة، وارزقنا تلاوته على النحو الذي يرضيك عنا، ولا تجعل لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا مريضا إلا شفيته، ولا عدوا إلا كفيته، ولا غائبا إلا رددته، ولا عاصيا إلا عصمته، ولا فاسدا إلا أصلحته، ولا ميتا إلا رحمته، ولا عيبا إلا سترته، ولا عسيرا إلا يسرته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضا ولنا فيها صلاح إلا أعنتنا على قضائها في يسر منك وعافية، برحمتك يا أرحم الراحمين".

قلت: وأنا أزيد عليه: "اللهم انصر جيوش المسلمين نصرا عزيزا، وافتح لهم فتحا مبينا، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، اللهم افتح [ ص: 223 ] لنا بخير، واجعل عواقب أمورنا إلى خير، اللهم إنا نعوذ بك من فواتح الشر وخواتمه، وأوله وآخره، وباطنه وظاهره. اللهم لا تجعل بيننا وبينك في رزقنا أحدا سواك، واجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك، وهب لنا غنى لا يطغينا، وصحة لا تلهينا، وأغننا عمن أغنيته عنا، واجعل آخر كلامنا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتوفنا وأنت راض عنا، غير غضبان، واجعلنا في موقف القيامة من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، برحمتك يا أرحم الراحمين".

وروى عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، قال: قرأت القرآن كله [في المسجد الجامع بالكوفة ]، على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فلما بلغت "الحواميم" قال: يا زر، قد بلغت عرائس القرآن، فلما بلغت رأس العشرين من (حم عسق) [الشورى: 1، 2] والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير [الشورى: 22] بكى حتى ارتفع نحيبه، ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال: يا زر، أمن على دعاءي، ثم قال: اللهم إني أسألك إخبات المخبتين، وإخلاص المؤمنين، ومرافقة الأبرار، واستحقاق حقائق الإيمان، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ووجوب رحمتك، وعزائم مغفرتك، والفوز [ ص: 223 ] بالجنة، والنجاة من النار. ثم قال: يا زر: إذا ختمت فادع بهذه الدعوات، فإن حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أدعو بهن عند ختم القرآن.

انتهى ما أردت ذكره من الدعاء، وهو كاف، وأسأل الله تعالى أن ينفع به، ويجعله خالصا لوجهه الكريم.

قال المؤلف:

فرغت من تحريره آخر ثلث ساعة مضت بعد الزوال [من] استوائه، من يوم السبت، خامس ذي الحجة الحرام، من سنة تسع وستين وسبعمائة، بالمدرسة الظاهرية من بين القصرين، بالقاهرة المحروسة، لا زالت معمورة وسائر بلاد المسلمين.

وأجزت لجميع المسلمين روايته عني، راجيا ثواب الله تعالى ومغفرته.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

السابق


الخدمات العلمية