صفحة جزء
90- العلامة الضباع شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية الأسبق :

هو علي بن محمد بن حسن بن إبراهيم الملقب بالضباع مصري علامة كبير وإمام مقدم في علم التجويد والقراءات والرسم العثماني وضبط المصحف الشريف وعد الآي وغيرها . ولي مشيخة عموم المقارئ والإقراء بالديار المصرية على رءوس الأشهاد من كبار العلماء المبرزين عن جدارة فنال منهم مكان الصدارة . وكان محيطا لا يغيض وبحرا في العلم لا يزال يفيض، وكتب في كل ما له صلة بالقرآن فأحسن وأجاد وناقش فأفحم وأفاد ورد المغيرين على علوم القرآن بغيظهم لم ينالوا خيرا . وكفى الله بصولته المسلمين منهم شرا وضرا . وكان نقيا زكيا ورعا تقيا زاهدا عابدا متواضعا لين الجانب سمحا كريم النفس لا يفتر عن تلاوة القرآن وعمر طويلا . وله أقران مبرزون لم يبق منهم الآن إلا شيخنا في الإجازة العلامة الفذ الكبير فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز أحمد محمد الزيات المدرس بالأزهر سابقا والمقرئ بالقاهرة المحروسة حاليا . وقد بورك للمترجم له في وقته فأخذ عنه التجويد والقراءات عالم كثير وجم غفير من مصر وخارجها لا يأتي عليهم العد وذاع صيته في كل مكان برفعة الشأن .

فممن أخذ عنه القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة وطيبة النشر وكذلك القراءات الأربع التي فوق العشر من خارج مصر العلامة المحقق فضيلة الشيخ عبد العزيز بن الشيخ محمد علي عيون السود شيخ القراء وأمين الإفتاء بحمص بسوريا .

وممن أخذ عنه أيضا القراءات العشر ومن طريق طيبة النشر العلامة المحقق والثبت المدقق الشيخ أحمد حامد الريدي التيجي المدني ثم المكي المقرئ الكبير [ ص: 681 ] وشيخ القراء بمكة المكرمة .

وقد تلقى العلامة الضباع القراءات على غير واحد من ثقات الجهابذة الأثبات منهم : العلامة المحقق الشيخ حسن الكتبي والأستاذ الكبير الشيخ عبد الرحمن الخطيب الشعار . وقد أخذ هذان العالمان على خاتمة المحققين العلامة الشيخ محمد بن أحمد المعروف بالمتولي شيخ القراء والإقراء بالديار المصرية في وقته .

هذا : وللعلامة الضباع - رحمه الله تعالى - مؤلفات كثيرة نجتزئ منها بعضها :

1- " إرشاد المريد إلى مقصود القصيد " شرح على الشاطبية في القراءات السبع وهذا هو الشرح الصغير " مطبوع " .

2- " إنشاد الشريد من معاني القصيد " شرح آخر على الشاطبية في القراءات السبع وهو المعروف بالشرح الكبير " مخطوط " .

3- البهجة المرضية شرح الدرة المضية " في القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر " مطبوع " .

4- الأقوال المعربة " عن مقاصد الطيبة " في القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر " مخطوط " في مجلدين كبيرين .

5- قطف الزهر من ناظمة الزهر في علم الفواصل " مخطوط " .

6- " إرشاد الإخوان إلى شرح مورد الظمآن " في الرسم " مخطوط " .

7- الفوائد المدخرة شرح الفوائد المعتبرة في قراءات الأربعة الذين بعد العشرة " مخطوط " .

8- هداية المريد إلى رواية أبي سعيد . وهو شرح على منظومة شيخ شيوخنا العلامة المتولي في رواية ورش من طريق الشاطبية " مطبوع " .

9- الجوهر المكنون : شرح رواية قالون وهو من نظمه وشرحه " مطبوع " .

10- المطلوب في بيان الكلمات المختلف فيها عن أبي يعقوب " مطبوع " .

11- صريح النص في بيان الكلمات المختلف فيها عن حفص " مطبوع " .

12- تذكرة الإخوان : في أحكام رواية حفص بن سليمان " مطبوع " .

[ ص: 682 ] 13- كتاب الفرائد المرتبة : على الفوائد المهذبة ، في بيان خلف حفص من طريق الطيبة " مطبوع " وهو من نظمه وشرحه .

14- القول الأصدق في بيان ما خالف فيه الأصبهاني الأزرق عن ورش " مطبوع " .

15- فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن " مطبوع " .

16- الإضاءة في بيان أصول القراءة بالنسبة للقراء العشرة " مطبوع " .

17- الشرح الصغير على تحفة الأطفال " تجويد " " مطبوع " .

18- أقرب الأقوال على فتح الأقفال حاشية على شرح تحفة الأطفال " مطبوع " .

19- بلوغ الأمنية : شرح إتحاف البرية في تحرير الشاطبية " مطبوع " .

20- الدر النظيم شرح فتح الكريم في تحرير الطيبة " مخطوط " .

21- البدر المنير في قراءة ابن كثير " مخطوط " .

22- إتحاف المريد بشرح فتح المجيد في قراءة حمزة من طريق القصيد " مخطوط " .

23- نور العصر في تاريخ رجال النشر " مخطوط " .

24- الدرر الفاخرة في أسانيد القراءات المتواترة " مخطوط " .

25- الشرح الكبير لتحفة الأطفال " تجويد " وهو المسمى " بمنحة ذي الجلال " في شرح تحفة الأطفال " مطبوع ونفد " .

26- سمير الطالبين : في رسم وضبط الكتاب المبين " مطبوع " .

27- شرح رسالة قالون من نظم العلامة الشيخ محمد سعودي إبراهيم " مطبوع " .

وله كتب أخرى غير ما ذكرنا وتحقيقات على كتب من تقدمه كالنشر للحافظ ابن الجزري " مطبوع " .

وعين - رحمه الله تعالى - مراجعا للمصاحف الشريفة بمشيخة المقارئ المصرية قبل توليه لرئاسة هذه المشيخة وبعدها أيضا فكان يعنى بكتاب الله تعالى ويسهر عليه ويحتاط له حتى تخرج طبعاته دقيقة مطابقة للأحكام المتعلقة بكتابة المصاحف، وله دور كبير في هذا المجال يسجله له التاريخ بأحرف من نور ويذكر له عشرات الآلاف من حفاظ القرآن الكريم في أرجاء المعمورة .

[ ص: 683 ] وبعد حياة حافلة بالخدمات الجليلة لكتاب الله العزيز فاضت روح المترجم له إلى بارئها في نحو سنة ست وسبعين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأسنى التحية رحم الله المترجم له وأجزل له المغفرة والثواب وجزاه الله عن القرآن وأهله خيرا آمين .

91- الملا علي القاري :

هو علي بن محمد بن سلطان وقيل علي بن سلطان الهروي المعروف بالقاري نور الدين،
فقيه حنفي من صدور العلم في عصره .

ولد في هراة وسكن مكة المشرفة وتوفي بها . وله كتب كثيرة في القراءات والحديث وغيرهما منها :

شرح الشاطبية في القراءات السبع ، وشرح المقدمة الجزرية في التجويد ، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح في الحديث الشريف وشرح الشفاء للقاضي عياض وكلها مطبوعة . توفي رحمه الله تعالى سنة أربع عشرة وألف من الهجرة النبوية ا هـ انظر الأعلام للزركلي الجزء الخامس ص (166) تقدم .

92- الربيع اليمني الزبيدي :

ترجم لهذا العلم تلميذه العلامة أبو سالم العياشي في الرحلة العياشية في ذكر من لقيه بالمدينة المنورة من المشايخ الأعلام ترجمة واسعة نذكر منها بعضها : قال : أول من قرأت عليه بالمدينة المنورة وأخذت عنه بقية السلف الصالح أستاذ المقرئين وإمام المحدثين الشيخ أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن الربيع اليمني الزبيدي زاده الله عزا وشرفا وأسكنه من منازل القرب غرفا هو من قدماء مشايخي لقيته بمكة المكرمة سنة أربع وستين بعد الألف فأخذت عنه ما تيسر لي وأجازني كما هو مذكور في كتابنا . . إلى أن قال : ولما قدم شيخنا أبو الحسن المدينة المنورة أي بعد ملاقاته بمكة المشرفة ، ونزل بجوار المسجد، وكان قدم بأهله قاصدا للزيارة واجتمعت به في الحرم الشريف وآنست به فسألته أن أقرأ عليه ختمة من القرآن العظيم بقراءة الإمام عبد الله بن كثير المكي فأذن في ذلك وجعل لي وقتا معلوما بين من يقرأ عليه . وكان محققا للقراءات [ ص: 684 ] السبع مجودا لها حسن التلاوة ما سمعت أذني في أقطار الأرض كلها على كثرة من سمعت أحسن منه تلاوة للقرآن وأطيب منه نغمة به وأجود منه ترتيلا له، يعطي الحروف حقها في مخارجها من غير إفراط ولا تفريط في تؤدة وسكون ووقار بقراءة مسترسلة متناسبة لا يرجع فيها ترجيع أهل الألحان ولا يسرع إسراع الهزرمة ولا يمد في غير المد ولا يتركه في محله محافظا على مراتبه من توسط وإشباع وقصر ، مجيدا للنطق بالإمالة وتسهيل الهمز مراعيا لصفات الحروف من تفخيم وترقيق وتغليظ وتشديد وغنة وإظهار وإخفاء . إذا سمعته يقرأ رأيته يخشى الله فجزاه الله عن كتابه خيرا وكان أيام إقامته بالمدينة المنورة كثيرا ما يقدم للإمامة لحسن صوته وعذوبة قراءته وتزاحم الناس على القرب منه لسماع قراءته . . . إلى أن قال : فلما كان اليوم الذي قبل خروجه من المدينة ذهب لزيارة قباء ولحقته هناك وقرأت عليه حين قاربت الختم وقرأت عليه أيضا المقدمة الجزرية في تجويد القرآن وتفرغ لي رحمه الله ذلك اليوم عن جميع أشغاله وفي الغد يوم رحيله ختمت عليه بالحرم النبوي قرب المواجهة، فكانت مدة القراءة نحوا من سبعة عشر يوما . . . كتبت بين يديه رضي الله عنه بعد فراغي من قراءة المقدمة الجزرية إجازة بالمقدمة الجزرية وبقراءة ابن كثير وبسائر مروياته، وكانت الكتابة هذه ظهر يوم الأربعاء الموافق عشرين من شهر الله صفر عام 1073 هـ ثلاث وسبعين وألف . . . إلى أن قال : ثم كتب الشيخ رضي الله عنه بخط يده عقب ما كتبته ما نصه : الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافئ مزيده، صحيح ما كتبه الأخ في الله تعالى وقد استخرت الله تعالى وأجزت ذلك وجميع مروياتي في علم القراءات بمضمون الشاطبية والتيسير وجميع ما يجوز لي روايته من كتب الحديث وغيرها لعلمي بأهليته . . . إلى أن قال : قال ذلك بفمه ورقمه بقلمه أفقر عباد الله وأحوجهم إليه العبد الفاني علي بن محمد بن عبد الرحمن الربيع الشيباني الشافعي مذهبا الزبيدي بلدا وموطنا ، الأشعري معتقدا حامدا مصليا عفا الله عنه وعن مشايخه في الدارين آمين وعن جميع المسلمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . . . ثم ذكر بعد ذلك أسانيد شيخه الإمام أبي الحسن الربيع المترجم له في القراءات إلى الحافظ ابن الجزري ثم إلى الحافظ أبي عمرو الداني [ ص: 685 ] ثم قال بعد ذلك - وخرج - أي الشيخ أبو الحسن - رحمه الله تعالى - قافلا إلى بلاده يوم الخميس الواحد والعشرين من صفر وودعناه وأدعناه الدعاء . وأودعنا وكان رضي الله عنه كثير الحج قلما يخلو له عام من حج مع أنه فقير لا مال له، انتهى كلام العلامة العياشي ملخصا .

قلت : ويؤخذ من كلام العلامة العياشي في رحلته الذي ذكرناه أن العلامة الشيخ أبا الحسن المترجم له كان كثير الحج والترداد على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرئ الناس أيام إقامته بالمدينة المنورة وكان يؤم الناس في الصلاة وأنه كان من أعيان علماء القرن الحادي عشر الهجري ولم نعثر له على تاريخ وفاته رحمه الله تعالى رحمة واسعة ورحمنا معه بمنه وكرمه آمين .

ا هـ ملخصا من كتاب " الرحلة العياشية " الجزء الأول ص (314 - 319) تقدم .

التالي السابق


الخدمات العلمية