صفحة جزء
مثل الذين كفروا بربهم [18]

التقدير عند سيبويه والأخفش : وفيما يقص عليكم . وقال الكسائي : إنما مثل أعمال الذين كفروا كرماد . وقال غيره : مثل الذين كفروا مبتدأ ، أعمالهم " بدل منه ، والتقدير : مثل أعمالهم ، ويجوز أن يكون مبتدأ ثانيا ، كما حكي : صفة فلان أنه [ ص: 367 ] أحمر . قال الفراء : ولو قرأ قارئ بالخفض : "أعمالهم " جاز ، وأنشد :


ما للجمال مشيها وئيدا



( في يوم عاصف ) على النسب عند البصريين ، بمعنى : ذي عاصف . وأجاز الفراء أن يكون بمعنى : في يوم عاصف الريح ، وأجاز أيضا أن يكون عاصف للريح خاصة ، ثم يتبعه يوما ، قال : وحكى نحويون : هذا جحر ضب خرب . قال أبو جعفر : هذا مما لا ينبغي أن يحمل كتاب الله -جل وعز - ، عليه وقد ذكر سيبويه أن هذا من العرب غلط ، واستدل بأنهم إذا ثنوا قالوا : هذان جحرا ضب خربان ؛ لأنه قد استبان بالتثنية والتوحيد ، ونظير هذا الغلط قول النابغة :


أمن آل مية رائح أو مغتدي     عجلان ذا زاد وغير مزود


زعم البوارح أن رحلتنا غد     وبذاك خبرنا الغراب الأسود



فلا يجوز مثل هذا في كلام ، ولا لشاعر نعرفه ، فكيف يجوز في كتاب الله -جل وعز - ؟ !

ثم أنشد الفراء بيتا :

[ ص: 368 ]

يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم     أن ليس وصل إذا انحلت عرى الذنب



وزعم أن أبا الجراح أنشده إياه بخفض "كلهم" ، وهذا مما لا يعرج عليه ؛ لأن النصب لا يفسد الشعر ، ومن قرأ : "في يوم عاصف " بغير تنوين أقام الصفة مقام الموصوف ، أي : في يوم ريح عاصف .

التالي السابق


الخدمات العلمية