صفحة جزء
إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم [ 7 ] .

أي الثواب لكم ، وهو شرط وجوابه ، ( وإن أسأتم فلها ) أي يحصل العقاب لها ، و " لها " بمعنى " عليها " لا يقوله النحويون الحذاق ، وهو قلب المعنى ، وليس احتجاجهم بالحديث : " اشترطي الولاء لهم " بشيء ، وقد اختلف في هذا الحديث ؛ فرواه جماعة على هذا اللفظ من حديث مالك بن أنس ، وهو رواية الشافعي [ ص: 416 ] عنه : " واشترطي الولاء لهم " ، وهذا معنى صحيح بين . يقال : اشترط الشيء ؛ إذا بينه ، كما قال :


فأشرط فيها نفسه وهو معصم



وعلى الرواية الأخرى يكون المعنى " واشترطي الولاء لهم " أي من أجلهم ، كما تقول : أنا أكرم فلانا لك . وفيه قول آخر : يكون بمعنى النهي على التهديد والوعيد ( فإذا جاء وعد الآخرة ) أي وعد المرة الآخرة ، وأقيمت الصفة مقام الموصوف . قرأ أهل المدينة ، وأهل البصرة : ( ليسوءوا ) على الجمع . وقرأ أهل الكوفة : ( ليسوء وجوهكم ) على التوحيد ، إلا الكسائي فإنه قرأ : ( لنسوء وجوهكم ) ، وزعم أنها قراءة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - . وعن أبي بن كعب روايتان : إحداهما أنه قرأ : ( لنسوءن وجوهكم ) اللام مفتوحة وهي لام قسم بالنون الخفيفة ، والوقف عليها بالألف فرقا بين الخفيفة والثقيلة . وروي عنه : ( ليسيء وجوهكم ) بياءين وهمزة . قال أبو جعفر : القراءة الأولى على الجمع يدل عليها : ( وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا ) . والقراءة الثانية فيها ثلاثة أقوال : يكون المعنى : ليسوء الله - جل وعز - . وقال الفراء : ليسوء العذاب . قال أبو إسحاق : ليسوء الوعد ، واللام فيهما لام كي . وكذا القراءة الثالثة . وفي الكلام حذف ، والمعنى : فإذا جاء وعد الآخرة بعثناهم ، فهذا الفعل جواب " إذا " ، ولام كي متعلقة به . وفي معنى " بعثناهم " قولان : أحدهما : خلينا بينكم [ ص: 417 ] وبينهم ، ولم نخوفهم منكم ، فكان هذا مجازا جعل التخلية ، وترك التخويف بعثا ، ومثله : ( أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين ) . والقول الآخر : معنى بعثنا عليكم أمرناهم بغزوكم لما عصيتم وأفسدتم ، وهذا حقيقة لا مجاز . وزعم الفراء أن من قرأ ( ليسوءا وجوهكم ) فهو الجواب عنده بغير حذف ، ولكنه أضمر فعلا في " وليتبروا " قال قتادة : المعنى : وليتبروا ما علوا عليه . وقال غيره : وليتبروا ما داموا عالين ، وحقيقته في العربية : وليتبروا وقت علوهم ، كما تقول : فلان يؤذيك ما ولي .

التالي السابق


الخدمات العلمية