صفحة جزء
شهر رمضان [ 185 ]

حكيت فيه ستة أوجه : ( شهر رمضان ) قراءة العامة . وقرأ مجاهد ، وشهر بن حوشب : ( شهر رمضان ) بالنصب . وحكي عن الحسن ، وأبي عمرو إدغام الراء في الراء ، وهذا لا يجوز لئلا يجتمع ساكنان . والقراءة الرابعة الإخفاء . والوجه الخامس أن تقلب حركة الراء على الهاء فتضم الهاء ، وهذا قول [ ص: 287 ] الكوفيين كما قال امرؤ القيس :


فمن كان ينسانا وحسن بلائنا فليس بناسينا على حالة بكر



ويجوز " شهر رمضان " من جهتين : إحداهما على قراءة من نصب فقلب حركة الراء على الهاء ، والأخرى على لغة من قال لحم ولحم ونهر ونهر . شهر رمضان رفع بالابتداء ، وخبره الذي أنـزل فيه القرآن ويجوز أن يكون " شهر " مرفوعا على إضمار ابتداء ، والتقدير : المفترض عليكم صومه شهر رمضان ، أو ذلك شهر رمضان ، أو الصوم أو الأيام . ورمضان لا ينصرف لأن النون فيه زائدة . ونصب شهر رمضان شاذ ، وقد قيل فيه أقوال : قال الكسائي : المعنى : كتب عليكم الصيام وأن تصوموا شهر رمضان . قال الفراء : أي كتب عليكم الصيام أي أن تصوموا شهر رمضان . قال أبو جعفر : لا يجوز أن تنصب شهر رمضان بتصوموا ؛ لأنه يدخل في الصلة ثم يفرق بين الصلة والموصول ، وكذا إن نصبته بالصيام ، ولكن يجوز أن تنصبه على الإغراء أي الزموا شهر رمضان وصوموا شهر رمضان . وهذا بعيد أيضا لأنه لم يتقدم ذكر الشهر فيغرى به . هدى للناس وبينات في موضع نصب على الحال من القرآن ، والقرآن اسم ما لم يسم فاعله . فمن شهد منكم الشهر يقال : ما الفائدة في هذا والحاضر والمسافر يشهدان الشهر ؟ فالجواب أن الشهر ليس بمفعول وإنما هو ظرف زمان ، والتقدير : فمن شهد منكم المصر في الشهر . وجواب آخر أن يكون التقدير : فمن شهد منكم الشهر غير مسافر ولا [ ص: 288 ] مريض فليصمه وقرأ الحسن : ( فليصمه ) وكان يكسر لام الأمر كانت مبتدأة أو كان قبلها شيء وهو الأصل ، ومن أسكن حذف الكسرة لأنها ثقيلة . ومن كان مريضا أو على سفر اسم " كان " فيها مضمر ، و " مريضا " خبره ، " أو على سفر " عطف أي أو مسافرا فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر واليسر واليسر لغتان وكذا العسر والعسر ولتكملوا العدة فيه خمسة أقوال : قال الأخفش : هو معطوف أي : ويريد ولتكملوا العدة كما قال : يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم . وقال غيره : يريد الله هذا التخفيف لتكملوا العدة . وقيل : الواو مقحمة . وقال الفراء : المعنى : ولتكملوا العدة فعل هذا . قال أبو جعفر : وهذا قول حسن ، ومثله : وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين أي : وليكون من الموقنين فعلنا ذلك . والقول الخامس ذكره أبو إسحاق إبراهيم بن السري قال : هو محمول على المعنى ، والتقدير : فعل الله ذلك ليسهل عليكم ولتكملوا العدة . قال : ومثله ما أنشده سيبويه :


بادت وغير آيهن مع البلى     إلا رواكد جمرهن هباء



[ ص: 289 ]

ومشجج أما سواء قذاله     فبدا وغير ساره المعزاء



لأن معنى " بادت إلا رواكد " بها رواكد ، فكأنه قال : وبها مشجج أو ثم مشجج . وقرأ الحسن ، وقتادة ، والعاصمان ، والأعرج : ( ولتكملوا العدة ) ، واختار الكسائي : ( ولتكملوا ) لقوله : " اليوم أكملت لكم دينكم " قال أبو جعفر : هما لغتان بمعنى واحد ، كما قال : فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ولا يجوز " ولتكملوا " بإسكان اللام . والفرق بين هذا وبين ما تقدم أن التقدير : " ولأن تكملوا العدة ؛ فلا يجوز حذف " أن " والكسرة ، ولتكبروا عطف عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية