صفحة جزء
إن تبدوا الصدقات فنعما هي [ 271 ]

هذه قراءة أبي عمرو ، وعاصم ، ونافع . وقرأ الأعمش ، وحمزة ، والكسائي : ( فنعما هي ) بفتح النون . وروي عن أبي عمرو ونافع بإسكان العين ، رواه قالون عن نافع . ويجوز في غير القرآن : " فنعم ما هي " ولكنه في السواد متصل فلزم الإدغام . وحكى النحويون في " نعم " أربع لغات : يقال : " نعم الرجل زيد " ، هذا الأصل ، ويقال : " نعم الرجل " فتكسر النون لكسرة العين ، ويقال : " نعم الرجل " والأصل نعم حذفت الكسرة لأنها ثقيلة ، ويقال : " نعم الرجل " وهذه أفصح اللغات . والأصل فيها " نعم " ، وهي تقع في كل مدح فخففت وقلبت كسرة العين على النون وأسكنت العين ، فمن قرأ : " فنعما هي " فله تقديران أحدهما : أن يكون جاء به على لغة من قال : " نعم " ، والتقدير الآخر : أن يكون على اللغة الجيدة فيكون الأصل " نعم " ثم كسرت العين لالتقاء الساكنين . فأما الذي حكي عن أبي عمرو ونافع من إسكان العين ؛ فمحال . حكي عن محمد بن يزيد أنه قال : أما إسكان العين ، والميم مشددة ؛ فلا يقدر أحد أن ينطق به ، وإنما يروم الجمع بين ساكنين ويحرك ولا يأبه .

قال أبو جعفر : ومن قرأ : " فنعما هي " فله تقديران ؛ أحدهما : أن يكون على لغة من قال : " نعم الرجل " ، والآخر أن يكون على لغة من قال : " نعم الرجل " ، فكسر العين لالتقاء الساكنين . ويجب على من قرأ : " فنعم " أن يقول : " بئس " . ( وإن تخفوها ) شرط فلذلك حذفت منه النون ( وتؤتوها ) عطف عليه ، والجواب : ( فهو خير لكم ) . قرأ قتادة ، وابن أبي إسحاق ، وأبو عمرو : ( ونكفر عنكم من سيئاتكم ) . وقرأ نافع ، والأعمش ، وحمزة ، والكسائي : ( ونكفر عنكم ) .

[ ص: 339 ] إلا أن الحسين بن علي الجعفي روى عن الأعمش : ( ونكفر عنكم ) بالنصب . قال أبو حاتم : قرأ الأعمش : ( فهو خير لكم نكفر عنكم ) بغير واو جزما ، والصحيح عن عاصم أنه قرأ مرفوعا بالنون ، وروى عنه حفص أنه قرأ : ( ويكفر ) بالياء والرفع ، وكذلك روي عن الحسن ، وروي عنه بالياء والجزم . وقرأ عبد الله بن عباس : ( وتكفر عنكم من سيئاتكم ) بالتاء وكسر الفاء والجزم . وقرأ عكرمة : ( وتكفر عنكم ) بالتاء وفتح الفاء والجزم . قال أبو جعفر : أجود القراءات : ( ونكفر عنكم ) بالرفع ، هذا قول الخليل وسيبويه ، قال سيبويه : والرفع ههنا الوجه ، وهو الجيد لأن الكلام الذي بعد الفاء جرى مجراه في غير الجزاء . وأجاز الجزم يحمله على المعنى ؛ لأن المعنى : ( وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء يكن خيرا لكم ونكفر عنكم ) ، والذي حكاه أبو حاتم عن الأعمش بغير واو جزما يكون على البدل كأنه في موضع الفاء ، والذي روي عن عاصم : " ويكفر عنكم " بالياء والرفع يكون معناه : يكفر الله ، هذا قول أبي عبيد . وقال أبو حاتم : معناه : يكفر الأعطاء . وقرأ ابن عباس : " وتكفر " يكون معناه : وتكفر الصدقات . وقراءة عكرمة : " وتكفر عنكم " أي أشياء من سيئاتكم ، فأما النصب " ونكفر " فضعيف وهو على إضمار " أن " ، وجاز على بعد لأن الجزاء إنما يجب به الشيء لوجوب غيره فضارع الاستفهام .

التالي السابق


الخدمات العلمية