صفحة جزء
[ ص: 169 ] ( شرح إعراب سورة أم القرآن )

" بسم الله الرحمن الرحيم "

الحمد لله [ 2 ]

رفع بالابتداء على قول البصريين ، وقال الكسائي : الحمد رفع بالضمير الذي في الصفة ، والصفة اللام . جعل اللام بمنزلة الفعل .

وقال الفراء : الحمد رفع بالمحل وهو اللام . جعل اللام بمنزلة الاسم ؛ لأنها لا تقوم بنفسها ، والكسائي يسمي حروف الخفض صفات ، والفراء يسميها محال ، والبصريون يسمونها ظروفا .

وقرأ ابن عيينة ، ورؤبة بن العجاج : الحمد لله على المصدر ، وهي لغة قيس ، والحارث بن سامة . والرفع أجود من جهة اللفظ والمعنى ؛ فأما اللفظ : فلأنه اسم [ ص: 170 ] معرفة خبرت عنه ، وأما المعنى : فإنك إذا رفعت أخبرت أن حمدك وحمد غيرك لله - جل وعز - ، وإذا نصبت لم يعد حمد نفسك .

وحكى الفراء : ( الحمد لله ) و ( الحمد لله ) . قال أبو جعفر : وسمعت علي بن سليمان يقول : لا يجوز من هذين شيء عند البصريين . قال أبو جعفر : وهاتان لغتان معروفتان ، وقراءتان موجودتان ، في كل واحدة منهما علة ، روى إسماعيل بن عياش ، عن زريق ، عن الحسن أنه قرأ ( الحمد لله ) ، وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة : ( الحمد لله ) وهذه لغة بعض بني ربيعة ، والكسر لغة تميم .

فأما اللغة في الكسر : فإن هذه اللفظة تكثر في كلام الناس ، والضم ثقيل ولا سيما إذا كانت بعده كسرة ، فأبدلوا من الضمة كسرة وجعلوها بمنزلة شيء واحد ، والكسرة مع الكسرة أخف ، وكذلك الضمة مع الضمة ، فلهذا قيل : الحمد لله

لله خفض باللام الزائدة ، وزعم سيبويه أن أصل اللام الفتح ، يدلك على ذلك أنك إذا أضمرت قلت : الحمد له ، فرددتها إلى أصلها ، إلا أنها كسرت مع الظاهر للفرق بين لام الجر ولام التوكيد .

[ ص: 171 ] رب مخفوض على النعت لله العالمين خفض بالإضافة وعلامة الخفض الياء لأنها من جنس الكسرة ، والنون عند سيبويه كأنها عوض لما منع من الحركة والتنوين . والنون عند أبي العباس عوض من التنوين ، وعند أبي إسحاق عوض من الحركة ، وفتحت فرقا بينها وبين نون الاثنين .

وقال الكسائي : يجوز ( رب العالمين ) كما تقول : الحمد لله ربا وإلها ، أي على الحال . وقال أبو حاتم : النصب بمعنى : أحمد الله رب العالمين . وقال أبو إسحاق : يجوز النصب على النداء المضاف . وقال أبو الحسن بن كيسان : يبعد النصب على النداء المضاف ؛ لأنه يصير كلامين ، ولكن نصبه على المدح ، ويجوز الرفع أي هو رب العالمين .

قال أبو جعفر : وقد ذكرنا في الكتاب المتقدم أنه يقال على التكثير : رباه وربه وربته ، وشرحه أن الأصل رببه ، ثم تبدل من الباء ياء كما يقال : قصيت أظفاري وتقصيت ، ثم تبدل من الياء تاء كما تبدل من الواو في تالله .

التالي السابق


الخدمات العلمية