صفحة جزء
واختلاف الليل والنهار [5] على أن فيها "في" واختيار أبي عبيد ما اختاره الكسائي قال أبو جعفر : أما قوله جل وعز : ( وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات ) فلا اختلاف بين النحويين فيه أن النصب والرفع جيدان ، فالنصب على العطف أي وإن في خلقكم . والرفع من ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون معطوفا على الموضع مثل ( وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها ) . والوجه الثاني الرفع بالابتداء وخبره وعطفت جملة على جملة منقطعة من الأول كما تقول : إن زيدا خارج وأنا أجيئك غدا . والوجه الثالث أن تكون الجملة في موضع الحال مثل ( يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ) فأما قوله جل وعز ( واختلاف الليل والنهار وما أنـزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات ) فقد اختلف النحويون فيه فقال بعضهم : النصب فيه جائز وأجاز العطف على عاملين فممن قال هذا سيبويه والأخفش والكسائي والفراء ، وأنشد سيبويه :


أكل امرئ تحسبين امرأ ونار توقد بالليل نارا



[ ص: 141 ] ورد هذا بعضهم ولم يجز العطف على عاملين وقال : من عطف على عاملين أجاز : في الدار زيد والحجرة عمرو . وقائل هذا القول ينشد "ونارا" بالنصب . ويقول من قرأ الثالثة "آيات" فقد لحن . وممن قال هذا محمد بن يزيد . وكان أبو إسحاق يحتج لسيبويه في العطف على عاملين [بأن من قرأ "آيات" بالرفع فقد عطف أيضا على عاملين] ؛ لأنه عطف "واختلاف" على "وفي خلقكم" وعطف "آيات" على الموضع فقد صار العطف على عاملين إجماعا . والقراءة بالرفع بينة لا تحتاج إلى احتجاج ولا احتيال . وقد حكى الفراء في الآية غير ما ذكرناه ، وذلك أنه أجاز "واختلاف الليل والنهار" بالرفع فيه وفي "آيات" يجعل الاختلاف هو الآيات . وقد كفى المئونة فيه بأن قال : ولم أسمع أحدا قرأ به .

التالي السابق


الخدمات العلمية