صفحة جزء
ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا [20]

هذه القراءة مروية عن عمر بن الخطاب رحمة الله عليه ، وهي قراءة نافع وأبي عمرو وعاصم وابن أبي إسحاق وحمزة والكسائي . وقرأ يزيد بن القعقاع ( أاذهبتم) وهذه القراءة مروية عن الحسن والقراءتان عند الفراء بمعنى واحد . قال الفراء : العرب تستفهم في التوبيخ ولا نستفهم ، فيقولون : ذهبت ففعلت وفعلت ، ويقولون : أذهبت ففعلت وفعلت ، وكل [ ص: 167 ] صواب . قال أبو جعفر : فأما ما روي عن محمد بن يزيد فتحقيق هذا ، وهو أن الصواب عنده ترك الاستفهام فيقرأ "أذهبتم" وفيه معنى التقريع ، وإن كان خبرا . والمعنى عنده أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا فذوقوا العذاب . والاستفهام إذا قرأ "أذهبتم" فهو على التوبيخ والتقرير ، وإنما اختار أذهبتم بغير استفهام لأن الاستفهام إذا كان فيه معنى التقرير صار نفيا إذا كان موجبا ، كما قال جل وعز ( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه ) وإن كان نفيا صار موجبا؛ لأن نفي النفي إيجاب كما قال :


ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح



إلا أنه من قرأ "أذهبتم" فليس يحمل معناه عنده على هذا ، ولكن تقديره أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا وتطلبون النجاة في الآخرة ( فاليوم تجزون عذاب الهون ) العامل في اليوم تجزون ينوى به التأخير ( بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) أي استكباركم وفسقكم وإذا كانت "ما" هكذا مصدرا لم تحتج إلى عائد .

التالي السابق


الخدمات العلمية