صفحة جزء
[ ص: 213 ] يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم [11]

جزم بالنهي . وروى الضحاك عن ابن عباس أن بعضهم كان يقول لبعض : إنك لغير رشيد ، وما أشبه ذلك ، يستهزئ به فنزل هذا ، وهو من بني تميم ( ولا تلمزوا أنفسكم ) نهي أيضا . قال عكرمة عن ابن عباس : أي لا يعب بعضكم بعضا . وسمعت علي بن سليمان يقول : اللمز في اللغة أن يعيب بالحضرة ، والهمز في الغيبة . وقال أبو العباس محمد بن يزيد : اللمز يكون باللسان والعين يعيبه ويحدد إليه النظر وتشير إليه بالاستنقاص ، والهمز لا يكون إلا باللسان في الحضرة والغيبة ، وأكثر ما يكون في الغيبة . فهذا شرح بين . وقد أنشد أبو العباس لزياد الأعجم :


إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه



قال محمد بن يزيد : واللمز كالغيبة قال : والنبز اللقب الثابت : قال : والمنابزة الإشاعة والإذاعة به . قال أبو جعفر : فأما اللقب فقد جاء التوقيف فيه عمن حضر التنزيل وعرف نزول الآية فيم نزلت ، كما قرئ على أحمد بن شعيب عن حميد بن مسعدة قال : أخبرنا بشر عن داود عن الشعبي قال : قال أبو جبيرة فينا نزلت هذه الآية في بني سلمة ، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وللرجل منا اسمان وثلاثة فكان يدعى باسم منها فيقال : يا رسول الله إنه [ ص: 214 ] يغضب منه فنزلت ( ولا تنابزوا بالألقاب ) فأما حديث الضحاك عن ابن عباس كان الرجل يقول للآخر : يا كافر يا فاسق ، فنزلت ( ولا تنابزوا بالألقاب ) فإسناد الأول أصح منه ، ولو صح هذا لم يكن ناقضا للأول ، لأن المعنى في اللقب على ما قال محمد بن يزيد وغيره . أنه كلما كان ذائعا يغضب الإنسان منه ويكره قائله أن يلقى صاحبه به ويكرهه المقول له به فمحظور التنابز به . ( بئس الاسم الفسوق ) رفع بالابتداء والتقدير الفسوق بعد أن آمنتم بئس الاسم ( ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) قال الضحاك عن ابن عباس : من لم يتب من هذا القول .

التالي السابق


الخدمات العلمية