صفحة جزء
وقوم نوح من قبل [46]

قراءة أهل المدينة وعاصم ، وقرأ أبو عمرو والأعمش وحمزة والكسائي ( وقوم نوح ) بالخفض معطوفا على وفي ثمود ، والمعنى في الخفض وفي قوم نوح آية وعبرة . والنصب من غير جهة فللفراء فيه قولان ، وبعدهما ثالث عنه أيضا وهما أن يكون التقدير فأخذتهم الصاعقة وأخذت قوم نوح ، والتقدير الثاني أن يكون التقدير وأهلكنا قوم نوح ، والثالث الذي بعدهما أن يكون التقدير واذكروا قوم نوح . قال أبو جعفر : ورأيت أبا إسحاق قد أخرج قوله هذا الثالث وفيه من كلامه ، وليس هذا بأبغض إلي من الجوابين ، وهو يتعجب من هذا ويقول : دل بهذا الكلام على أن الأجوبة الثلاثة بغيضة إليه . قال : وفي هذه الآية قول رابع حسن يكون وقوم نوح معطوفا على ( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ) لأن معناه فأغرقناهم وأغرقنا قوم نوح . فأما القراءة بالنصب فهي البينة عند النحويين سوى من ذكرنا ممن قرأ بغيرها ، فاحتج أبو عبيد للنصب بأن قبله فيما كان مخفوضا من القصص [ ص: 249 ] كلها بيان ما نزل بهم نحو ( وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ) وليس هذا في قوم نوح فدل هذا على أنه ليس معطوفا على الخفض لأنه مخالف له . قال : فكيف يكون وفي قوم نوح ولا يذكر ما نزل بهم ، وقال غيره : أيضا العرب إذا تباعد ما بين المخفوض وما بعده لم يعطفوه عليه ونصبوه قال الله جل وعز : ( وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ) ولا نعلم أحدا خفض ، وقال جل وعز ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) فرفع أكثر القراء ولم يعطفوه على ما قبله وحجة ثالثة ذكرها سيبويه وهو أن المعطوف إلى ما هو أقرب إليه أولى وحكى : خشنت بصدره وصدر زيد ، وأن الخفض أولى لقربه فكذا هذا فأخذتهم الصاعقة وأخذت قوم نوح أقرب من أن ترده إلى ثمود ( إنهم كانوا قوما فاسقين ) نعت لقوم أي خارجين عن الطاعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية