صفحة جزء
إن الله [ 26 ]

اسم إن ، والجملة الخبر . لغة تميم ، وبكر بن وائل : لا يستحيي

[ ص: 203 ] بياء واحدة ، وهكذا قرأ ابن كثير وابن محيصن وشبل ، وفيه قولان : قال الخليل : أسكنت الياء الأولى كما سكنت في " باع " ، وسكنت الثانية لأنها لام الفعل ، قال سيبويه : وقال غيره : لما كثر وكانتا ياءين حذفوها وألقوا حركتها على الحاء . قال أبو جعفر : شرح قول الخليل أن الأصل استحيى فأعله من جهتين ؛ أعل الياء الأولى كما يقال : استباع ، وأعل الثانية كما يقال : يرمي ، فحذف الأولى لئلا يلتقي ساكنان ، وهذا بعيد جدا لأنهم يجتنبون الإعلال من جهتين . والقول الآخر هو قول سيبويه : سمعت أبا إسحاق يقول : إذا قال سيبويه بعد قول الخليل : " وقال غيره " ؛ فإنما يعني نفسه ، ولا يسمي نفسه بعد الخليل إجلالا منه له . وشرح قول سيبويه أن الأصل استحيى كثر استعمالهم إياه فحذفوا الياء الأولى وألقوا حركتها على الحاء فأشبه افتعل نحو اقتضى فصرفوه تصريفه فقالوا : استحيى يستحي . أن يضرب في موضع نصب ، أي من أن يضرب مثلا منصوب بيضرب ما بعوضة في نصبها ثلاثة أوجه : تكون " ما " زائدة ، و " بعوضة " بدلا من " مثل " . ويجوز أن تكون " ما " في موضع نصب ، نكرة ، و " بعوضة " نعتا لـ " ما " ، وصلح أن تكون نعتا لأنها بمعنى قليل . والوجه الثالث : قول الكسائي والفراء قالا : التقدير : أن يضرب مثلا ما بين بعوضة ، حذفت " بين " وأعربت بعوضة بإعرابها ، والفاء بمعنى " إلى " ، أي : إلى ما فوقها ، ومعنى " ضربت له مثلا " : مثلت له مثلا ، وهذه الأبنية على ضرب واحد ، أي على مثال واحد فما فوقها عطف على " ما " الأولى ، وحكى أنه سمع رؤبة يقرأ : [ ص: 204 ] ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة ) بالرفع ، وهذه لغة تميم ، جعل " ما " بمعنى الذي ، ورفع " بعوضة " على إضمار ابتداء ، والحذف في " ما " أقبح منه في " الذي " ؛ لأن " الذي " إنما له وجه واحد ، والاسم معه أطول . فأما الذين آمنوا " الذين " رفع بالابتداء ، وخبره ما بعد الفاء ، فلا بد من الفاء في جواب أما ؛ لأن فيها معنى الشرط ، أي : مهما يكن من شيء فالأمر كذا . فيعلمون أنه الحق " أن " في موضع نصب بيعلمون ، والهاء اسمها ، والحق خبرها . من ربهم خفض بمن وأما الذين كفروا ولغة تميم وبني عامر " أيما " يبدلون من إحدى الميمين ياءا كراهية التضعيف ، وعلى هذا ينشد بيت عمر بن أبي ربيعة :


رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت فيضحى وأيما بالعشي فيخصر



فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا إن شئت جعلت " ما " و " ذا " شيئا واحدا في موضع نصب بأراد . قال ابن كيسان : وهو أجود . وإن شئت جعلت " ما " اسما تاما في موضع رفع بالابتداء ، و " ذا " بمعنى الذي هو خبر الابتداء ويكون التقدير : ما الذي أراد الله بهذا مثلا . قال أحمد بن يحيى ثعلب : " مثلا " منصوب على القطع . وقال ابن كيسان : هو منصوب على التمييز الذي وقع موقع الحال يضل فعل مستقبل كثيرا مفعول به .

[ ص: 205 ] ويهدي أسكنت الياء فيه استثقالا للجمع بينها وبين ياء وكسرة وما يضل به إلا الفاسقين بوقوع الفعل عليهم ، والتقدير : وما يضل به أحدا إلا الفاسقين ، ولا يجوز أن تنصبهم على الاستثناء لأن الاستثناء لا يكون إلا بعد تمام الكلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية