صفحة جزء
تنـزع الناس [20] قيل : تنزعهم من الحفر التي كانوا حفروها ( كأنهم أعجاز نخل منقعر ) النخل تذكر وتؤنث لغتان جاء بها القرآن ، وزعم محمد بن جرير أن في الكلام حذفا ، وأن المعنى تنزع الناس فتتركهم كأعجاز نخل . قال فتكون الكاف على هذا في موضع نصب بالفعل المحذوف ، وهذا لا يحتاج إلى ما قاله من الحذف . والقول فيه ما قاله أبو [ ص: 292 ] إسحاق قال : هو في موضع نصب على الحال أي تنزع الناس أمثال نخل منقعر أي في هذه الحال . قال أبو جعفر : وهذا القول حقيقة الإعراب فإن كان على تساهل المعنى فالمعنى يؤول إلى ما قاله محمد بن جرير . وقد روى محمد بن إسحاق قال : لما هاجت الريح قام نفر سبعة من عاد فاصطفوا على باب الشعب فسدوا الريح عمن في الشعب من العيال ، فأقبلت الريح تجيء من تحت واحد واحد ثم تقلعه فتقلبه على رأسه فتدق عنقه حتى أهلكت ستة وبقي واحد يقال له : الخلجان فجاء إلى هود صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هؤلاء الذين أراهم كالبخاتي تحت السحاب قال : هؤلاء الملائكة عليهم السلام قال : إن أسلمت فمالي قال : تسلم قال : أيقيدني ربك من هؤلاء الذين في السحاب؟ قال : ويلك هل رأيت ملكا يقيد من جنده؟ قال : لو فعل ما رضيت قال : فرجع إلى موضعه ، وأنشأ يقول :


لم يبق إلا الخلجان نفسه يا شر يوم قد دهاني أمسه



ثم لحقه ما لحق أصحابه فصاروا كما قال جل وعز "كأنهم أعجاز نخل منقعر" . وقال مجاهد في تشبيههم بأعجاز نخل منقعر : لأنه قد بانت أجسادهم من رؤوسهم فصاروا أجساما بلا رءوس ، وقال بعض أهل النظر : التشبيه للحفر التي كانوا فيها قياما صارت الحفر كأنها أعجاز نخل . قال أبو [ ص: 293 ] جعفر : وهذا القول قول خطأ ، ولو كان كما قال كان كأنها أو كأنهن ، وأيضا فإن الحفر لم يتقدم لها ذكر فيكنى عنها . وأيضا فالتشبيه بالقوم أولى ولا سيما وهو قول من يحتج بقوله .

التالي السابق


الخدمات العلمية