صفحة جزء
يرسل عليكما شواظ من نار [35]

هذه قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وأبي عمرو وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي ، وقرأ ابن كثير وابن أبي إسحاق وهي مروية عن الحسن ( شواظ) بكسر الشين . والفراء يذهب إلى أنهما لغتان بمعنى واحد ، كما يقال : صوار وصوار ( ونحاس) قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع [ ص: 311 ] والكوفيين بالرفع ، وقرأ ابن كثير وابن أبي إسحاق وأبو عمرو ( ونحاس) بالخفض ، وقرأ مجاهد ( ونحاس) بكسر النون والسين ، وقرأ مسلم بن جندب ( ونحس) بغير ألف وبالرفع . قال أبو جعفر : الرفع في و"نحاس" أبين في العربية؛ لأنه لا إشكال فيه يكون معطوفا على "شواظ" ، وإن خفضت عطفته على نار ، واحتجت إلى الاحتيال ، وذلك أن أكثر أهل التفسير منهم ابن عباس يقولون : الشواظ اللهب ، والنحاس الدخان فإذا خفضت فالتقدير شواظ من نار ومن نحاس . والشواظ لا يكون من النحاس كما أن اللهب لا يكون من الدخان إلا على حيلة واعتذار والذي في ذلك من الحيلة ، وهو قول أبي العباس محمد بن يزيد أنه لما كان اللهب والدخان جميعا من النار كان كل واحد منهما مشتملا على الآخر وأنشد للفرزدق :


فبت أقد الزاد بيني وبينه على ضوء نار مرة ودخان



فعطف ودخان على نار ، وليس للدخان ضوء لأن الضوء والدخان من النار وإن عطفت ودخان على ضوء لم تحتج إلى الاحتيال ، وأنشد غيره في هذا بعينه :


شراب ألبان وتمر وأقط



وإنما الشروب الألبان ، ولكن الحلق يشتمل على هذه الأشياء ، وقال آخر :

[ ص: 312 ] في مثله :


يا ليت زوجك قد غدا     متقلدا سيفا ورمحا



لأنهما محمولان وقد قال الحسن ومجاهد وقتادة في قوله جل وعز ونحاس قالوا يذاب النحاس فيصب على رءوسهم ( فلا تنتصران ) أي ممن عاقبكما بذلك ولا تستفيدان منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية