صفحة جزء
[ ص: 353 ] وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله [10] "أن" في موضع نصب على المعنى وأي عذر لكم في أن لا تنفقوا في سبيل الله ( ولله ميراث السماوات والأرض ) فحضهم بهذا على الإنفاق؛ لأنهم يموتون ويخلفون ما بخلوا به ويورثونه ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ) اختلف العلماء في معنى هذا الفتح فقال قتادة : الذين أنفقوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل فتح مكة وقاتلوا ، أفضل من الذين أنفقوا من بعد فتح مكة وقاتلوا ، وكذا قال زيد بن أسلم ، وقال الشعبي : الذين أنفقوا قبل الحديبية وقاتلوا أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد فتح الحديبية وقاتلوا . قال أبو جعفر : وهذا القول أولى بالصواب لأن عطاء بن يسار روى عن أبي سعيد الخدري قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح الحديبية : "يأتون أقوام تحقرون أعمالكم مع أعمالهم" قلنا يا رسول الله أمن قريش هم؟ قال : "لا هم أهل اليمن أرق أفئدة وألين قلوبا" . قلنا يا رسول الله أهم خير منا؟ قال : "لا لو أن لأحدهم جبل ذهب ثم أنفقه ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه . هذا فضل ما بيننا وبين الناس" ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير ) . حكى أبو حاتم ( وكل وعد الله الحسنى) بالرفع . قال أبو جعفر : وقد أجاز سيبويه مثل هذا على إضمار الهاء ، وأنشد :


فثوب نسيت وثوب أجر



[ ص: 354 ] وأبو العباس محمد بن يزيد لا يجيز هذا في منثور ولا منظوم إلا أن يكون يجوز فيه غير ما قدره سيبويه ، وهو أن يكون الفعل نعتا فيكون التقدير : فثم ثوب نسيت فعلى هذا لا يجوز في ثوب إلا الرفع ، ولا يجيز زيد ضربت؛ لأنه ليس فيه شيء [من هذا] فيكون كل بمعنى وأولئك كل وعد الله فيكون نعتا ( والله بما تعملون خبير ) مبتدأ وخبره أي من إنفاق وبخل حتى يجازيكم عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية