صفحة جزء
ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [7]

في هذه الآية أربعة أقوال : منها أنه الفيء الأول وأن ما صولح عليه المسلمون من غير قتال فهذا حكمه ، وقيل : بل هذا غير الأول ، وهذا حكم ما كان من الجزية ومال الخراج أن يقسم . وهذا قول معمر ، وقيل : بل هذا ما قوتل عليه أهل الحرب . وهذا قول يزيد بن رومان . والقول الرابع أن هذا [ ص: 394 ] حكم ما أوجف عليه بخيل وركاب ، وقوتل عليه فكان هذا حكمه حتى نسخ بالآية التي في سورة "الأنفال" والصواب أن يكون هذا الحكم مخالفا للأول ، لأنه قد صح عمن تقوم به الحجة أن الأول في بني النضير وأنه جعل حكمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الثاني على خلاف ذلك لأن فيه ( ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ) ويدلك على هذا حديث عمر مع صحة إسناده واستقامة طريقته قرئ على أحمد بن شعيب عن عبيد الله بن سعيد ويحيى بن موسى وهارون بن عبد الله قالوا : حدثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أويس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب فكان ينفق منها على أهله نفقة سنة ، وما بقي جعله في السلاح والكراع عدة في سبيل الله . فقد دل هذا على أن الآية الثانية [حكمها خلاف حكم الأولى؛ لأن الأولى تدل على هذا إن ذلك شيء للنبي صلى الله عليه وسلم ، والآية الثانية] على خلاف ذلك قال الله جل وعز ( ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله ) قيل : هذا افتتاح كلام ، وكل شيء لله : والتقدير فلسبل الله وللرسول ولذي القربى ،وهم بنو هاشم وبنو المطلب "واليتامى" وهم الذين لم يبلغوا الحلم وقد مات آباؤهم ، "والمساكين" وهم الذين قد لحقهم ذل المسكنة مع الفاقة ، "وابن السبيل" [ ص: 395 ] وهم المسافرون في غير معصية المحتاجون ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) الضمير الذي في يكون يعود على ما [أي لا يكون] ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى دولة يتداوله الأغنياء فيعملون فيه ما يحبون ، فقسمه الله جل وعز هذا القسم . وقرأ يزيد بن القعقاع ( كي لا تكون دولة ) بالرفع وتأنيث "تكون" دولة اسم "تكون" "بين الأغنياء" الخبر ، ويجوز أن يكون بمعنى يقع فلا يحتاج إلى خبر مثل ( إلا أن تكون تجارة ) "وأغنياء" جمع غني ، وهكذا جمع المعتل وإن كان سالما جمع على فعلاء وفعال نحو كريم وكرماء وكرام ، وقد قالت العرب في السالم : نصيب وأنصباء شبه بالمعتل وشبهوا بعض المعتل أيضا بالسالم . حكى الفراء : نفي ونفواء بالفاء شبه بالسالم وقلبت ياؤه واوا . ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) حكى بعض أهل التفسير أن هذا في الغنائم واحتج بأن الحسن قال : وما آتاكم الرسول من الغنائم فخذوه وما نهاكم عنه من الغلول . قال أبو جعفر : فهذا ليس يدل على أن الآية فيه خاصة بل الآية عامة . وعلى هذا تأولها أصحاب رسول الله فقال عبد الله بن مسعود : إن الله لعن الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة ، فقيل له : قد قرأنا القرآن فما رأينا فيه هذا فقال : قد لعنهن رسول الله وقال الله ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وعن ابن عباس نحو من هذا في النهي [ ص: 396 ] عن الانتباذ في النقير والمزفت ( واتقوا الله ) أي احذروا عقابه في عصيانكم رسوله ( إن الله شديد العقاب ) أي شديد عقابه لمن خالف رسوله صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية