صفحة جزء
إنا خلقنا الإنسان من نطفة [2].

الإنسان الأول عند أهل التفسير يراد به آدم - عليه السلام - وقد يجوز أن يراد به الجنس، والثاني للجنس لا غير، والنطفة عند العرب الماء القليل في وعاء ( أمشاج ) من نعت ( نطفة ) على غير حذف في قول من قال: الأمشاج العروق التي تكون في النطفة، كما تقول: الإنسان أعضاء مجموعة. ومن قال: الأمشاج ماء الرجل وماء المرأة فهو على هذا أيضا، سماها جميعا نطفة وهما يختلطان، ويخلق الإنسان منهما. ومن قال: الأمشاج العلقة والمضغة، فالتقدير عنده من نطفة ذات أمشاج، وواحدتهما مشيج مثل شريف وأشراف، ويقال: مشج مثل عدل وأعدال ( نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ) قال الفراء : هو على التقديم والتأخير، والمعنى عنده: جعلنا الإنسان سميعا بصيرا لنبتليه، أي لنختبره. وقال من خالفه في هذا: هو خطأ من غير جهة، فمنها أنه لا يكون مع الفاء تقديم ولا تأخير؛ لأنها تدل على أن الثاني بعد الأول، ومنها أن الإنسان إنما يبتلى - أي يختبر - ويؤمر وينهى إذا كان سوي [ ص: 96 ] العقل كان سميعا بصيرا، ولم يكن كذلك، ومنها أن سياق الكلام يدل على غير ما قال، وليس في الكلام لام كي، وإنما سياق الكلام تعديد الله جل وعز نعمه علينا ودلالته إيانا على نعمه.

التالي السابق


الخدمات العلمية