صفحة جزء
وما أدراك ما العقبة [12] فك رقبة [13] التقدير: اقتحام العقبة أن يفك رقبة، كما روى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: « من أعتق رقبة أعتق الله سبحانه بكل عضو منها عضوا منه من النار » قال أبو هريرة : ( حتى ذكره بذكره).

وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو عمرو وابن كثير والكسائي ( فك رقبة أو أطعم في يوم ذي مسغبة ) ثم تكلم النحويون في هذا فاختار الفراء هذه القراءة، واحتج بأن بعده ( ثم كان ) أي فلما عطف بكان وهي فعل ماض على الأول وجب أن يكون ( فك ) ليعطف فعلا ماضيا على فعل ماض، واختار الأخفش وأبو حاتم وأبو عبيد القراءة الأخرى، قال أبو جعفر : الديانة تحظر الطعن على القراءة التي قرأ بها الجماعة، ولا يجوز أن تكون مأخوذة إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - عليه السلام -: « أنزل القرآن على سبعة أحرف » فهما قراءتان حسنتان، لا يجوز أن تقدم إحداهما على الأخرى.

[ ص: 232 ] فأما اعتراض الفراء بكان وبالنسق على الأول فلا يلزم؛ لأنه لا يجوز أن يكون معطوفا على المعنى؛ لأن المعنى فعل هذا، وقد نقض هو قوله بأن أجاز القراءة الأخرى على إضمار أن، وأنشد:


567 - ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي



يريد ( أن أحضر ) ولو كان الأمر كما قال لنصب ( أحضر ) وإضمار أن لا يجوز إلا بعوض؛ لأنها بعض اسم، واعترض أبو عبيد فقال: الاختيار فك رقبة؛ لأنه يتبين للعقبة.

وحكي عن سفيان بن عيينة أنه قال: كل ما قال جل وعز: ( وما أدراك ) فقد بينه، وما قال فيه ( وما يدريك ) فلم يبينه.

قال أبو جعفر : فهذا غلط، قد قال الله عز وجل: ( وما أدراك ما القارعة ) وقال تعالى ذكره: ( وما أدراك ما الحاقة ) وليس بعد هذا يتبين.

وروي عن الحسن وأبي رجاء أنهما قرأا ( وأطعم في يوم ذا مسغبة ) قال الفراء : وإن [ ص: 233 ] كان لم يذكر من قرأ ( ذا مسغبة ) هو صفة ليتيم، أي يتيما ذا مسغبة. قال أبو جعفر : والغلط في هذا بين جدا؛ لأنه لا يجوز أن تتقدم الصفة قبل الموصوف، ولست أدري كيف وقع هذا له حتى ذكره في كتاب المعاني، ولكن يكون ( ذا مسغبة ) منصوبا بأطعم، و( يتيما ) بدلا منه.

التالي السابق


الخدمات العلمية