صفحة جزء
[ ص: 277 ] شرح إعراب سورة العاديات

بسم الله الرحمن الرحيم

والعاديات [1] خفض بواو القسم، وللعلماء في معناها قولان: روى مجاهد وعكرمة ، عن ابن عباس أنها الخيل. وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إنها الإبل، وكذا قال ابن مسعود .

وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : سألني رجل عن ( والعاديات ضبحا ) فقلت: هي الخيل، فمضى إلى علي بن أبي طالب فأخبره، فبعث لي، فأحضرني، فقال لي: أتتكلم في كتاب الله بغير علم، والله إن أول غزوة كانت لبدر، وما كان معنا إلا فرسان، فرس للزبير وفرس للمقداد بن الأسود ، إنما العاديات من عرفة إلى المزدلفة، ومن المزدلفة إلى منى.

ونظير هذا ما حدثناه البهلول بن إسحاق بن البهلول بن حسان ، ثنا إسماعيل بن أبي أويس ، ثنا كثير بن عبد الله المزني قال: كنت عند محمد بن كعب القرظي فجاءه رجل فقال: يا أبا حمزة إني رجل صرورة لم أحجج قط، فعلمني مما علمك الله سبحانه، قال: أتقرأ القرآن؟ قال: نعم، قال: فاستفتح فاقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم خمس آيات: والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا [1 - 5] [ ص: 278 ] أتدري ما هذا؟ قال: لا، قال: ( والعاديات ضبحا ) الرفع من عرفة، ( فالموريات قدحا ) إلى المزدلفة، ( فالمغيرات صبحا ) لا تغير حتى تصبح ( فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا ) يوم منى.

قال أبو جعفر : اختلف العلماء في معنى (الموريات قدحا ) فمذهب علي بن أبي طالب وابن مسعود أنها الإبل. وروى مجاهد وعكرمة عن ابن عباس قال: الناس يورون النار ليراها غيرهم. وروى غيرهما عن ابن عباس : الخيل. وقال قتادة : الخيل تشعل الحرب. وقال عكرمة : الموريات الألسن.

قال أبو جعفر : ولا دليل يدل على تخصيص شيء من هذه الأقوال، فالصواب أن يقال ذلك لكل من أورى على أن المعنى واحد إذا كان التقدير ( ورب العاديات ) ونصبت ( ضبحا ) لأنه مصدر في موضع الحال.

وعن ابن عباس : الضبح نفخها بمشافرها، ونصبت ( قدحا ) على المصدر؛ لأن معنى ( فالموريات ) فالقادحات. ( فالمغيرات ) عن ابن عباس أنها الخيل. وعن ابن مسعود أنها الإبل ( ضبحا ) ظرف زمان ( فأثرن به نقعا ) قال الفراء : الهاء كناية عن الوادي، ولم يتقدم له ذكر؛ لأنه قد عرف المعنى. وروى أبو الجوزاء ، عن ابن عباس : النقع الغبار. ( وسطن ووسطن وتوسطن ) واحد. وعن ابن عباس : فوسطن به جمعا من العدو. عن ابن مسعود ( جمعا ) المزدلفة.

التالي السابق


الخدمات العلمية