صفحة جزء
وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا [ 128 ] .

رفعت " امرأة " بإضمار فعل يفسره ما بعده ، وإنما يحسن هذا في " إن " ؛ لقوتها في باب المجازاة وإذا كان الفعل ماضيا ، وهو يجوز في المستقبل في الشعر ، وأنشد سيبويه :


وإذا واغل ينبهم يحيو ه وتعطف عليه كأس الساقي



وقول من قال : " خفت بمعنى تيقنت " خطأ . قال أبو إسحاق : المعنى وإن امرأة خافت من بعلها دوام النشوز . قال أبو جعفر : الفرق بين النشوز والإعراض : أن النشوز التباعد ، والإعراض أن لا يكلمها ولا يأنس بها . ( فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا ) هذه قراءة المدنيين ، وقرأ الكوفيون : ( أن يصلحا ) ، وقرأ عاصم الجحدري : ( أن يصلحا ) بفتح الياء وتشديد الصاد وفتحها ، وقرؤوا كلهم " صلحا " ، [ ص: 493 ] إلا أنه روي عن الأعمش أنه قرأ : ( إلا أن يصلحا بينهما إصلاحا ) قال أبو جعفر : وهذا كله محمول على المعنى ، كما يقال : هو يدعه تركا . فمن قال : " يصلحا " فالمصدر " إصلاحا " على قوله : وصلح اسم . ومن قال : " يصالحا " فالمصدر " إصلاحا " ، والأصل : " تصالحا " ثم أدغم . ومن قال : " يصلحا " فالأصل عنده : يصطلحا اصطلاحا ، ثم يدغم ، ونظيره قول الشاعر :


ورضت فذلت صعبة أي إذلال



وقال آخر :


وخير الأمر ما استقبلت منه     وليس بأن تتبعه اتباعا



لأن معنى تتبعه وتتبعه واحد . وللنحويين في هذا قولان ؛ فمنهم من يقول : العامل فيه فعل محذوف ، والمعنى : إلا أن يصالحا بينهما ، فيصلح الأمر صلحا ، فعلى هذا القول لا يكنى عن المصدر متصلا . ومنهم من يقول : العامل فيه الأول ، والكلام محمول على المعنى ، فهذا يكنى عنه متصلا ، وهذا يقع مشروحا في باب الألف واللام . والصلح خير ابتداء وخبر وأحضرت الأنفس الشح أي تشح بما لها فيه من المنفعة . وإن تحسنوا وتتقوا أي وإن تؤثروا الإحسان والتقوى فتجملوا العشرة فإن الله كان بما تعملون خبيرا وإذا خبره جازى عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية