معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - جل وعز -: قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ؛ "البيات": كل ما كان بليل؛ وهو منصوب على الوقت.

وقوله: ماذا يستعجل منه المجرمون ؛ "ما"؛ في موضع رفع من جهتين؛ إحداهما أن يكون "ذا"؛ بمعنى: "ما الذي يستعجل منه المجرمون؟!"؛ ويجوز أن يكون "ماذا"؛ اسما واحدا؛ ويكون المعنى: "أي شيء يستعجل منه المجرمون؟!"؛ والهاء في "منه"؛ يعود على العذاب؛ نصب؛ فيكون المعنى: "أي شيء يستعجل المجرمون من الله - جل وعز -؟!"؛ والأجود أن تكون الهاء تعود على العذاب؛ لقوله: أثم إذا ما وقع آمنتم به

وقوله: آلآن وقد كنتم به تستعجلون ؛ المعنى: "آلآن تؤمنون؟!"؛ فزعم الفراء أن "آلآن"؛ إنما هو: "أأن كذا وكذا؟!"؛ وأن الألف واللام دخلت على جهة الحكاية؛ وما كان على جهة الحكاية نحو قولك: "قام"؛ إذا سميت به فجعلته مبنيا على الفتح؛ لم تدخله الألف واللام.

و"الآن"؛ عند سيبويه ؛ مبني على الفتح؛ نحو: "نحن من الآن نصير إليك"؛ فتفتح؛ لأن الألف واللام إنما تدخل لعهد؛ و"الآن"؛ لم تعهده قبل هذا [ ص: 25 ] الوقت؛ فدخلت الألف واللام للإشارة إلى الوقت؛ والمعنى: "نحن من هذا الوقت نفعل"؛ فلما تضمنت معنى "هذا"؛ وجب أن تكون موقوفة ففتحت لالتقاء الساكنين؛ وهما الألف واللام.

التالي السابق


الخدمات العلمية