معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: ولله المشرق والمغرب ؛ يرتفعان كما وصفنا من جهتين؛ ومعنى " لله " : أي: هو خالقهما؛ وقوله: فأينما تولوا فثم وجه الله ؛ " تولوا " ؛ جزم ب " أينما " ؛ والجواب: " فثم وجه الله " ؛ وعلامة الجزم في " تولوا " : سقوط النون؛ و " ثم " ؛ موضع نصب؛ ولكن مبني على الفتح؛ لا يجوز أن تقول: " ثما زيد " ؛ وإنما بني على الفتح لالتقاء الساكنين؛ و " ثم " ؛ في المكان إشارة بمنزلة " هنا زيد " ; فإذا أردت المكان القريب قلت: " هنا زيد " ؛ وإذا أردت المكان المتراخي عنك قلت: " ثم زيد " ؛ و " هناك زيد " ؛ فإنما منعت " ثم " ؛ الإعراب لإبهامها؛ ولا أعلم أحدا شرح هذا الشرح؛ لأن هذا غير موجود في كتبهم؛ ومعنى الآية أنه قيل فيها: إنه يعني به البيت الحرام؛ فقيل: " أينما تولوا فثم وجه الله " ؛ أي: فاقصدوا وجه الله بتيممكم القبلة؛ ودليل من قال هذا القول قوله: ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ؛ فقد قيل: إن قوما كانوا في سفر؛ فأدركتهم ظلمة؛ ومطر ؛ فلم يعرفوا القبلة؛ فقيل: " فأينما تولوا فثم وجه الله " ؛ [ ص: 198 ] وقال بعض أهل اللغة: إنما المعنى معنى قوله: وهو معكم أين ما كنتم ؛ فالمعنى على قوله هذا: إن الله معكم أينما تولوا؛ كأنه: " أينما تولوا فثم الله؛ وهو معكم " ؛ وإنما حكينا في هذا ما قال الناس: وليس عندنا قطع في هذا؛ والله - عز وجل - أعلم بحقيقته؛ ولكن قوله: إن الله واسع عليم ؛ يدل على توسيعه على الناس في شيء رخص لهم به.

التالي السابق


الخدمات العلمية