معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: فأجمعوا أمركم وشركاءكم ؛ ويقرأ: "فاجمعوا أمركم وشركاءكم"؛ زعم الفراء أن معناه: "فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم"؛ وهذا غلط؛ لأن الكلام لا فائدة فيه؛ لأنهم إن كانوا يدعون شركاءهم لأن يجمعوا أمرهم؛ [ ص: 28 ] فالمعنى: "فاجمعوا أمركم مع شركائكم"؛ كما تقول: "لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها"؛ المعنى: "لو تركت مع فصيلها لرضعها".

ومن قرأ: "وشركاؤكم"؛ جاز أن يعطف به على الواو؛ لأن المنصوب قد قوى الكلام؛ لو قلت: "لو تركت اليوم وزيد لعلمت"؛ جاز؛ ولو قلت: "لو تركت وزيد"؛ لقبح؛ لأنك لا تعطف على الضمير المرفوع حتى تقوي المرفوع بلفظ معه.

ومن قرأ: "وشركاءكم"؛ في قوله: "فاجمعوا أمركم"؛ بوصل الألف؛ فنصبه على ضربين؛ أحدهما: العطف على الأمر؛ المعنى: "فاجمعوا أمركم؛ واجمعوا شركاءكم"؛ ويكون: "فاجمعوا مع شركائكم أمركم"؛ ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ؛ أي: ليكن أمركم ظاهرا منكشفا؛ كما قال رؤبة :


بل لو شهدت الناس إذ تكموا بغمة لو لم تفرج غموا

غموا بالمكروه؛ بغمة؛ أي: ما يسترهم؛ واشتقاق ذلك من "الغمامة"؛ التي تستر؛ ويجوز "ثم لا يكن أمركم عليكم غمة"؛ أي: غما .

[ ص: 29 ] ثم اقضوا إلي ولا تنظرون ؛ قرئت: "ثم أفضوا إلي"؛ فمن قال: "ثم اقضوا إلي"؛ فالمعنى: "ثم افعلوا ما تريدون"؛ و"ثم أفضوا"؛ بالفاء؛ وهي قريبة المعنى منها.

التالي السابق


الخدمات العلمية