معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ؛ الله قادر على أن يخلقهما في لحظة؛ لأنه على كل شيء قدير .

وإذا خلقهما وقدرهما هذا القدر العظيم - والسماء ليس بينها وبين الأرض عمد يرى - في ستة أيام؛ علم أن من كانت قدرته هذه القدرة لم يعجزه شيء؛ قال الله - جل وعز -: أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى ؛ وكان المشركون يكذبون بأنه يبعث الموتى؛ ويقرون أنه خالق السماوات والأرض .

[ ص: 40 ] وقوله: وكان عرشه على الماء ؛ هذا يدل على أن العرش والماء كانا قبل السماوات والأرض.

وقوله: ليبلوكم أيكم أحسن عملا ؛ معناه: "ليختبركم الاختبار الذي يجازيكم عليه؛ وهو قد علم قبل ذلك أيهم أحسن عملا"؛ إلا أنه يجازيهم على أعمالهم؛ لا على علمه فيهم. ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين

ويقرأ: "إلا ساحر مبين"؛ والسحر باطل عندهم؛ فكأنهم قالوا: "إن هذا إلا باطل بين"؛ وأعلمهم الله - عز وجل - أن القدرة على خلق السماوات والأرض تدل على بعث الموتى .

وأهل الكفر مختلفون في البعث؛ فالمشركون يقولون إنهم لا يبعثون البتة؛ ولا يرجعون بعد موتهم؛ واليهود والنصارى يزعمون أن لا أكل؛ ولا شرب؛ ولا غشيا للنساء في الجنة؛ وكل كافر بالبعث على جهته.

التالي السابق


الخدمات العلمية