معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله: بديع السماوات والأرض ؛ [ ص: 199 ] يعني: أنشأهما على غير حذاء؛ ولا مثال؛ وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه قيل له: " أبدعت " ؛ ولهذا قيل لكل من خالف السنة والإجماع: " مبتدع " ؛ لأنه يأتي في دين الإسلام بما لم يسبقه إليه الصحابة والتابعون ؛ وقوله: - عز وجل -: وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ؛ رفع " يكون " ؛ من جهتين: إن شئت على العطف على " يقول " ؛ وإن شئت الاستئناف؛ المعنى: " فهو يكون " ؛ ومعنى الآية قد تكلم الناس فيها بغير قول؛ قال بعضهم: " إنما يقول له كن فيكون " : إنما يريد؛ فيحدث؛ كما قال الشاعر:


امتلأ الحوض وقال قطني ... مهلا رويدا قد ملأت بطني



والحوض لم يقل؛ وقال بعض أهل اللغة: " إنما يقول له كن فيكون " : يقول له وإن لم يكن حاضرا: " كن " ؛ لأن ما هو معلوم عنده بمنزلة الحاضر؛ وقال قائل: " إنما يقول له كن فيكون " ؛ له معنى " من أجله " ؛ فكأنه إنما يقول من أجل إرادته إياه: كن؛ أي: " احدث؛ فيحدث " ؛ وقال قوم: هذا يجوز أن تكون لأشياء معلومة أحدث فيها أشياء فكانت؛ نحو قوله: فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ؛ والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية