معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز ؛ المصحف فيه "يا ويلتى"؛ بالياء؛ والقراءة بالألف؛ إن شئت على التضخيم؛ وإن شئت على الإمالة؛ والأصل: "يا ويلتي"؛ فأبدل من الياء والكسرة الألف؛ لأن الفتح والألف أخف من الياء؛ والكسرة؛ ويجوز الوقف عليه بغير الهاء؛ والاختيار أن يوقف عليه بالهاء؛ "يا ويلتاه" .

فأما المصحف فلا يخالف؛ ولا يوقف عليه بغير الهاء؛ فإن اضطر واقف وقف بغير الهاء؛ فأما الهمزتان بعد "يا ويلتى"؛ ففيهما ثلاثة أوجه .

إن شئت حققت الأولى؛ وخففت الثانية؛ فقلت: "يا ويلتى أالد"؛ وإن شئت - وهو الاختيار - خففت الأولى؛ وخففت الثانية فقلت: "يا ويلتى آلد"؛ وإن شئت حققتهما جميعا؛ فقلت: "أألد" .

وتحقيق الهمزتين مذهب ابن أبي إسحاق ؛ وهذا بعلي شيخا ؛ القراءة النصب؛ وكذلك هي في المصحف المجمع عليه؛ وهو منصوب على الحال؛ والحال ههنا نصبها من لطيف النحو؛ وغامضه؛ ذلك أنك إذا قلت: "هذا زيد قائما"؛ فإن كنت تقصد أن تخبر من لم يعرف زيدا أنه زيد؛ لم يجز أن تقول: "هذا زيد قائما"؛ لأنه يكون زيدا ما دام [ ص: 64 ] قائما .

فإذا زال عن القيام فليس بزيد؛ وإنما تقول ذاك للذي يعرف زيدا: "هذا زيد قائما"؛ فيعمل في الحال التنبيه؛ والمعنى: "انتبه لزيد في حال قيامه"؛ وأشير لك إلى زيد حال قيامه؛ لأن "هذا"؛ إشارة إلى ما حضر؛ فالنصب الوجه؛ كما ذكرنا .

ويجوز الرفع؛ وزعم سيبويه ؛ والخليل أن الرفع من أربعة أوجه؛ فوجه منها أن تقول: "هذا زيد قائم"؛ فترفع زيدا بهذا؛ وترفع "قائم"؛ خبرا ثانيا؛ كأنك قلت: "هو قائم"؛ أو: "هذا قائم"؛ ويجوز أن تجعل زيدا وقائما جميعا خبرين عن هذا؛ فترفعهما جميعا خبرا بهذا؛ كما تقول: "هذا حلو حامض"؛ تريد أنه جمع الطعمين؛ ويجوز أن تجعل زيدا بدلا من "هذا"؛ كأنك قلت: "زيد قائم"؛ ويجوز أن تجعل زيدا مبينا عن هذا؛ كأنك أردت: "هذا قائم"؛ ثم بينت من هو؛ بقولك: "زيد"؛ فهذه أربعة أوجه.

التالي السابق


الخدمات العلمية