معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله (تعالى): إلا ما شاء ربك ؛ فيها أربعة أقوال؛ قولان منها لأهل اللغة البصريين؛ والكوفيين؛ جميعا؛ قالوا: المعنى: "لو كان معنا رجل إلا زيدا"؛ أي: "سوى زيد"؛ و"لك عندي ألف درهم سوى الألفين"؛ و"إلا الألفين اللذين عندي"؛ فالمعنى على هذا: "خالدين فيها مقدار دوام السماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلود والزيادة"؛ كما قلت: "سوى الألفين اللتين علي".

وقالوا قولا آخر: "إلا ما شاء ربك؛ وهو لا يريد أن يخرجهم منها"؛ كما تقول: "أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء غير ذلك"؛ ثم تقيم على ذلك الفعل وأنت قادر على غير ذلك؛ فتكون الفائدة في هذا الكلام أن لو شاء يخرجهم لقدر؛ ولكنه قد أعلمنا أنهم خالدون أبدا؛ [ ص: 80 ] فهذان المذهبان من مذاهب أهل اللغة.

وقولان آخران: قال بعضهم: إذا حشروا وبعثوا؛ فهم في شروط القيامة؛ فالاستثناء وقع من الخلود بمقدار موقفهم للحساب؛ والمعنى: "خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا مقدار موقفهم للمحاسبة"؛ وفيها قول رابع: أن الاستثناء وقع على أن لهم فيها زفيرا وشهيقا إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب التي لم تذكر.

وكذلك لأهل الجنة نعيم ما ذكر؛ ولهم ما لم يذكر مما شاء ربك؛ ويدل عليه - والله أعلم - عطاء غير مجذوذ ؛ أي: غير مقطوع؛ قال النابغة :


تجذ السلوقي المضاعف نسجه وتوقد بالصفاح نار الحباحب

يصف السيوف؛ وأنها تقطع الدروع.

التالي السابق


الخدمات العلمية