معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا ؛ قرئت: "كذبوا"؛ و"كذبوا"؛ بالتخفيف؛ والتشديد؛ وقرئت: "وكذبوا"؛ فأما من قرأ: "وظنوا أنهم قد كذبوا"؛ بالتشديد؛ فالمعنى: "حتى إذا استيأس الرسل من أن يصدقهم قومهم؛ جاءهم نصرنا"؛ ومن قرأ: "قد كذبوا"؛ بالتخفيف؛ فالمعنى: "وظن قومهم أنهم قد كذبوا فيما وعدوا"؛ لأن الرسل لا يظنون ذلك".

وقد قال بعضهم: "وظنوا أنهم قد أخلفوا"؛ أي: ظن الرسل؛ وذلك بعيد في صفة الرسل؛ يروى عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوعد شيئا أخلف فيه ؛ وفي الخبر: "ومعاذ الله أن يظن الرسل هذا بربها"؛ ومعنى: "وظنوا أنهم قد ["كذبوا"]: "ظن قومهم أيضا أنهم قد كذبوا".

وقوله - عز وجل -: فنجي من نشاء ؛ قرئت: "فننجي"؛ و"فننجي"؛ وقرئت: "فنجا من نشاء"؛ وقرأ عاصم : "فنجي من نشاء"؛ بفتح الياء؛ فأما من قرأ: "فننجي"؛ فعلى الاستقبال؛ والنون نون الاستقبال؛ أعني النون الأولى؛ ومن قرأ: "فنجي"؛ بإسكان الياء؛ فحذف النون الثانية لاجتماع النونين؛ كما تقول: "أنت تبين هذا الأمر"؛ تريد: "تتبين"؛ فحذف لاجتماع تاءين.

ومن قرأ: "فنجا من نشاء"؛ عطف على قوله: "جاءهم نصرنا فنجا [ ص: 133 ] من نشاء"؛ على لفظ الفعل الماضي؛ ومن قرأ: "فنجي من نشاء"؛ فبمعنى الماضي؛ على ما لم يسم فاعله؛ ويكون موضع "من"؛ رفعا؛ ويعلم بالمعنى أن الله - عز وجل - نجاهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية