معاني القرآن وإعرابه للزجاج

الزجاج - أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج

صفحة جزء
وقوله - عز وجل -: صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ؛ يجوز أن تكون " صبغة " ؛ منصوبة على قوله: " بل نتبع ملة إبراهيم " ؛ أي: " بل نتبع صبغة الله " ؛ ويجوز أن يكون نصبها على: " بل نكون أهل صبغة الله " ؛ كما قلنا في " ملة إبراهيم " ؛ ويجوز أن ترفع الصبغة على إضمار " هي " ؛ كأنهم قالوا: " هي صبغة الله " ؛ أي: " هي ملة إبراهيم صبغة الله " ؛ وقيل: إنما ذكرت الصبغة لأن قوما من النصارى كانوا يصبغون أولادهم في ماء لهم؛ ويقولون: " هذا تطهير كما أن الختان تطهير لكم " ؛ فقيل لهم: " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة " ؛ أي: التطهير الذي أمر به مبالغ في النظافة؛ ويجوز أن يكون - والله أعلم -: " صبغة الله " ؛ أي: " خلقة الله - جل وعز - الخلق " ؛ فيكون المعنى أن الله ابتدأ الخلق على الإسلام؛ ويكون دليل هذا القول قول الله - عز وجل -: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ؛ وجاء في الحديث أنهم [ ص: 216 ] أخرجهم كالذر؛ ودليل هذا التأويل أيضا قوله - عز وجل -: فطرت الله التي فطر الناس عليها ؛ ويجوز أن يكون منه الخبر: " كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه؛ أو ينصرانه " ؛ و " صبغت الثوب " ؛ إنما هو غيرت لونه؛ وخلقته.

التالي السابق


الخدمات العلمية